منذ عقود وعلي نحو متزايد ، تشغل مشكلة ظهور أجيال جديدة من البكتيريا الممرضة المقاومة للمضادات الحيوية العلماء والأطباء الذين يري المتشائمون منهم أنه ربما جاء اليوم الذي تفقد فيه أنواع من المضادات جدواها تماما في مواجهة أنواع من البكتريا التي بات يطلق عليها “السوبر بكتريا” من شدة مقاومتها والأن هناك جديد في هذا الملف الكبير المهم إذ أعلنت “منظمة الصحة العالمية” أن هناك مؤشرات ودلائل قوية علي أن المضادات الحيوية الضعيفة تجتاح العالم النامي بدرجة أكبر بكثير مما تجتاح غيره ، مع أنه الأشد احتياجا لمضادات فعالة ، ما يؤثر سلبا علي أوضاعه الصحيحة .
من مدينة “سياتل” الأمريكية ، أعلنت مؤسسة “بيل أند مليندا جيتس” أن إحصاءات صحية دقيقة أجريت في بلدان نامية أكدت الظاهرة بوضوح خصوصا في نيجيريا والهند وباكستان والبرازيل ..
هل هذا بسبب إساءة استعمال المضادات لدي شعوب العالم النامي ؟
لاشك أنه عامل ، وعامل مهم ، لكنه لا يكفي وحده تفسيرا للظاهرة .
هل هناك دور مريب للشركات الدوائية الكبري متعددة الجنسية فيما يحدث ؟
الواقع أنه كلما طفت علي السطح ظاهرة سلبية تتعلق بالدواء ، سارعت أصبع الاتهام بالإشارة إلي هذه الشركات ، لكن لا توجد أدلة يعتد بها علي التعمد ..
يفيد منطق الأمور في هذا الشأن بأن الشركات الدوائية الكبري تتصدي لظاهرة “السوبر بكتيريا” بمنتهي القوة وتنفق في ذلك السبيل إنفاقا ضخما علي البحوث العلمية الساعية لإيجاد حلول لها ، لكن الأمر ليس كما تعكسه المواد الدعائية الوردية التي تنشرها الشركات ، فما تنفقه علي تطوير أجيال جديدة من المضادات الحيوية تسترده مضاعفا من زيادة أسعار المضادات الجديدة ، وفي النهاية فإن المرضي هم الذين يتحملون الزيادة .
تنحاز أبحاث أجرتها “جامعة كارديف” البريطانية إلي سبب إساءة الاستعمال ، وتري أن الاستعمال غير الرشيد للمضادات الحيوية يجعل البكتيريا تتأقلم عليها ، وهناك أيضا ارتباط الظاهرة بانتشار استعمال المضادات في تغذية الماشية لتسمينها .
وتعطي الجامعة مثالا حادا لأثر المشكلة ، فنذكر أن عائلة من المضادات الحيوية متخصصة في مكافحة جنس معين من البكتيريا أصبحت تفشل في أداء مهمتها في الهند وباكستان بنسب تصل 95 في المئة !
المشكلة تواجه البشرية جمعاء وهي تهدد ما أحرزته المضادات الحيوية منذ ظهورها في النصف الأول من القرن العشرين من نتائج باهرة غيرت وجه الحياة الصحية في العالم كله .
المصدر : مجدي غنيم – المحرر العلمي “لقناة النيل”