قالت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الصادرة صباح اليوم السبت، في واحدة من فوراته العاطفية، كتب ماسك قبل أشهر على منصته إكس: “أحب ترامب كما يحب رجل معتدل رجلاً آخر”. ومنذ ذلك الوقت، نراه مع طفله برفقة ترامب أكثر مما نرى الرئيس مع زوجته وابنه بارون. ومع ذلك، فإن هذا الود والانجذاب الشخصي كان في حقيقته مبنياً على أسس هشّة من المصالح والمنافع المتبادلة. كان من المتوقع أن تنتهي هذه العلاقة الملغمة سريعاً، لكن ليس بالطريقة المريرة والقبيحة التي انتهت بها، حين اتهم ماسك رئيسه السابق بعلاقة مع سيئ السمعة جيفري إبستين، وطالب بالإطاحة به.
وأضافت الصحيفه أن ترامب، المعروف بطرده موظفيه بطريقة مهينة دون حتى أن يعلموا، ويصفهم بـ”المغفلين”، لم يكن قادراً على التعامل بالأسلوب نفسه مع أغنى رجل في العالم. فإيلون ماسك ليس رجلاً عادياً، وقد لعب دوراً حاسماً في إعادة انتخاب ترامب. ولهذا حاول ترامب إخراجه بطريقة لائقة وبأقل الأضرار. وفي حفل وداع رسمي باهت، أمام الصحافيين في المكتب البيضاوي، سلّم لماسك، الذي يعيش حالة من الاضطراب، مفتاحاً ذهبياً تكريماً لنهاية خدمته. وفي كلماته الأخيرة، قال ماسك إنه سيبقى داعماً وصديقاً لترامب، الذي حاول، رغم تصريحات ماسك، امتصاص الغضب وتهدئة الأجواء المشحونة. لكن لم تمضِ سوى أيام قليلة حتى شنّ ماسك هجوماً عاصفاً ومنفلتاً على رئيسه السابق، مؤكداً أنه لم يكن يعني ما قاله أمام الملايين.
وتابعت الصحيفة أن ماسك شخصية عاطفية وهائجة، يصعب احتواؤها. وهذا أحد أسباب الخلافات بينه وبين ترامب، والتي أدت إلى هذا الطلاق القبيح. فإذا كان ترامب يسعى إلى تقويض المؤسسات والدولة العميقة، فإن ماسك يتحرّك خارج المؤسسات تماماً، ولا يلتزم أياً من تقاليد الدولة. ترامب، رغم تمرّده على واشنطن ونخبتها، احتفظ ببعض القواعد ولم يتحوّل إلى قوة تدميرية مطلقة. فهو، في النهاية، رئيس أمريكا. أما ماسك، فلم يعمل في الحكومة يوماً، لكنه يريد أن يغيّرها كما يغيّر إدارات شركاته، من دون رقابة أو محاسبة. وقد أثار صدامه مع أعضاء في إدارة ترامب، بسبب هيئة الكفاءة الحكومية المعروفة بـ”دوج”، الكثير من الجدل. استخدم أسلوباً إدارياً قاسياً، ورغم دعم ترمب العلني له في البداية، فإن نتائج حملته لفصل الموظفين أضرّت بصورة ترامب السياسية، ولم تحقق الوفورات المالية المطلوبة. كان مشروعاً فوضوياً محكوماً عليه بالفشل منذ لحظته الأولى.
وأضافت الصحيفة أن الخلاف الآخر بين ماسك وترامب يكمن في نظرتهما للعالم. بعد فوز ترامب، دخل ماسك في نوبات احتفال هستيرية، وأعلن أن هذا الانتصار سيخدم الحضارة الإنسانية والمصلحة البشرية. دوافع ماسك كونية ومثالية، بينما ترامب يتحدث عن المصالح الفردية، و”أمريكا أولاً»، وأسعار البيض، والتعريفات الجمركية. وبينما يرى ماسك أن نصر ترامب يمثل نقطة تحوّل في تاريخ البشرية، كان ترامب مشغولاً بمهاجمة بايدن وإلقاء اللوم عليه. الخلاف بينهما كان صراعاً بين المثالية المفرطة، والواقعية الأنانية، بين الرومانسية الحالمة والمادية الجافة.
واختتمت الصحيفة بالقول أن ولهذا كله، لم يكن الطلاق مفاجئاً، بل خاتمة منطقية لعلاقة هشّة بين شخصيتين لم يكن يفترض أن تلتقيا من الأساس.
المصدر: وكالات