انتهت وزارة الموارد المائية والري من تطوير متحف النيل بأسوان التابع للوزارة لكي يصبح هذا المركز منارة إشعاع لثقافة الدول الأفريقية، بالإضافة إلى تدشين مكتبة ملحقة بالمركز تتضمن أهم الكتب عن الدول الأفريقية.
يأتي ذلك في ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وفي ظل رئاسة مصر للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، بإنشاء مركز ثقافي للدول الأفريقية تحت مسمى “المركز الثقافي الإفريقي” خلال فعاليات ملتقى الشباب العربي الأفريقي، والذي عقد بمحافظة أسوان خلال الفترة من 16 إلى 18 مارس الماضي.
ووجه الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري باستغلال المساحات المتاحة بالدور الأول لمتحف النيل – والتي تزيد مساحتها على 800 متر مربع – لإنشاء المركز الثقافي الأفريقي، وتواصلت وزارة الري مع العديد من الدول الأفريقية لدعم المركز ببعض المقتنيات والتذكارات التي تمثل حضارة وثقافة تلك الدول لعرضها بالمركز الثقافي بأسوان كنواة لصرح ثقافي كبير ، ليحوي المركز بعض المقتنيات التي تمثل ثقافة وعادات وتقاليد الشعوب الأفريقية، ويكون مزارا عالميا على أرض مصر يعبر عن ثقافات الدول الأفريقية كافة.
ويشمل المركز ثقافات وعلامات مميزة لكل دولة وأهم معالمها، كما تم إنتاج فيلم عن كل دولة، وتم إنشاء مسرح مكشوف يتسع ل 2500 فرد ويقع خلفه خزان أسوان، والذي تم إضاءته، بالإضافة إلى عناصر التنسيق الخاصة بالموقع، وقد روعي في إنشاء المسرح استخدام المواد الطبيعة المتاحة في بيئة محافظة أسوان، وهو المسرح الذي من المقرر استغلاله عند عقد المنتديات والملتقيات العالمية، وكذا الاحتفالات الكبرى والمهرجانات والعروض المسرحية الغنائية والاستعراضية التي تعبر عن الثقافات الأفريقية.
كما تم تجهيز خزان أسوان بأعمال إنارة صممت بعناية بحيث تضيف إلى المنشأ الهام والتاريخي هيبة وسحرا ودفئا، وفي ذات الوقت فإن نظم الإضاءة تلك تساير أحدث ما توصل إليه العلم من نظم ذات كفاءة وظيفية وصديقة للبيئة تضيف لمسة جمالية تجذب عيون زوار المركز ومحافظة أسوان عموما وتبرز أصالة خزان أسوان، كما يسهم وجود المركز في موقعه المتميز في إضافة بعد جمالي ورونق حضاري للمنطقة تعمل على تفعيل الخريطة السياحية للمحافظة.
وفي ذات الإطار، تم تنفيذ لوحات عرض لجميع الدول الأفريقية، حيث تم تقسيم قارة أفريقيا إلى خمسة قطاعات، تبعا للطبيعة الجغرافية والمناخية لكل إقليم، وهي (الشمال – الشرق – الغرب – الوسط – الجنوب)، بالإضافة إلى قطاع يصف أنهار القارة، وتتسم هذه اللوحات باستخدام خلفية تعبيرية بألوان وأشكال أفريقية للتعريف بطبيعة وبيئة كل إقليم، بالإضافة إلى وضع صور تعريفية للعاصمة والعملة وأهم الأنهار والقبائل والمناطق السياحية لكل دولة على حدة.
وتم تجهيز المركز بعدد من الشاشات التي تعمل باللمس في كل قاعة طبقا لأحدث تكنولوجيات نظم المعلومات، حيث يقوم الزائرون بمشاهدة وتصفح خريطة تفاعلية لقارة أفريقيا، للتعرف على معلومات عن الدول، وكذلك مشاهدة أفلام وثائقية مترجمة لثلاث لغات هي: العربية، الفرنسية والإنجليزية ، تم إنتاجها جميعا بوزارة الموارد المائية والري، وتم إذاعتها عبر أثير قنوات التليفزيون المصري خلال فعاليات بطولة الأمم الأفريقية، والتي عقدت في مصر خلال عام 2019، وتوضح هذه الأفلام الموقع الجغرافي لكل دولة والعاصمة وعدد السكان واللغة الرسمية والعادات والتقاليد والديانات، وكذلك إجمالي الناتج المحلي وأهم الصناعات والأماكن السياحية، بالإضافة إلى أهم أحواض الأنهار.
يذكر أن قاعة المكتبة الوثائقية ومركز المعلومات الملحقة بالمركز تحتويان على العديد من الكتب والوثائق والمستندات التاريخية الهامة عن دول قارة أفريقيا، والتي تمثل ثقافات الشعوب الأفريقية، وتم ربطها إلكترونيا بالمكتبة المركزية بوزارة الموارد المائية والري.
كما يوجد بالمركز ركن متحفي بالدور الأرضي يضم العديد من المقتنيات الأثرية تسجل رحلة جريان نهر النيل بداية من منابعه وحتى المصب بالبحر الأبيض المتوسط، ويتكون الركن المتحفي بالدور الأرضي من جناحين هما: جناح إداري وجناح متحفي، ويحتوي المركز إجمالا على البهو الرئيسي، قاعة العرض السينمائي للأفلام الوثائقية، غرفة تحكم، قاعة اجتماعات، مكاتب إدارية وجناح العرض المتحفي، وتبلغ مساحة أرض المركز 35 فدانا.
ويوجد داخل المركز غابة أفريقيا، وهي نموذج مصغر للغابات والأحراش الأفريقية، بما فيها من حيوانات وطيور ونباتات تمثل طبيعة الحياة الموجودة في الغابات الأفريقية.
كما تشتمل قاعة النيل على شرح للعديد من الإنشاءات الهندسية على نهر النيل، ويضم المركز أيضا قاعة تفاعلية للأطفال لزيادة الوعي عن أهمية المحافظة على النيل من التلوث ومشروعات الوزارة والعلاقات بين دول حوض النيل.
والمركز مجهز بالعديد من الأجهزة الصوتية التي تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة في التعامل مع مقتنيات المركز والترجمة للغة الإنجليزية، ويحرص كثيرون من مختلف محافظات الجمهورية والدول الإفريقية والعربية على زيارة المركز طوال العام للاستمتاع بهذه التحفة الجمالية.
ويتكون المركز من خمسة قطاعات تم تقسيمها طبقا للأقاليم الجغرافية للقارة الإفريقية وهي: إقليم شمال إفريقيا، إقليم غرب إفريقيا، إقليم وسط إفريقيا، إقليم جنوب إفريقيا وإقليم شرق إفريقيا، وذلك بما تشتهر به الدول الأفريقية، حيث يشمل القطاع الأول على 6 دول لإقليم شمال إفريقيا، وهي مصر، ليبيا، الجزائر، تونس، المغرب وموريتانيا، ويمتاز هذا الإقليم بالطبيعية الصحراوية والجفاف في المناخ.
كما يشمل القطاع الثاني على 14 دولة لإقليم شرق إفريقيا، وهي السودان، جنوب السودان، جيبوتي، الصومال، إثيوبيا، إريتريا، أوغندا، رواندا، سيشيل، جزر القمر، كينيا، تنزانيا، مدغشقر وموريشيوس، حيث تتصف هذه المنطقة بالطبيعة الاستوائية وسهول السافانا والغابات الكثيفة، كما تتضمن أكبر تشكيلة من الحيوانات البرية واّكلي الأعشاب (الزراف – الأفيال – الغزال – الحمار الوحشي).
ويضم القطاع الثالث منطقة حول الفناء الداخلي لدول إقليم وسط أفريقيا البالغة 9 دول يغلب عليها السهول والسافانا والأحراش الكثيفة وينظر إلى هذه المنطقة من قبل الباحثين بأنها أصل الوجود البشري بأفريقيا وتشتهر بانتشار الغابات والبحيرات.
كما يضم القطاع الرابع منطقة دول إقليم جنوب أفريقيا المكونة من 10 دول، وهي أنجولا، بوتسوانا، ليسوتو، مالاوي، موزنبيق، نامبيا، جنوب أفريقيا، زامبيا، زمبابوي وسوازيلاند، و الذي يشتهر بكثرة الغابات و البحيرات والجزر.
ويشمل القطاع الخامس على منطقة غرب القارة وعدد دولها 15 وهي: بنين، بوركينافاسو، كابوفيردي، كوت ديفوار، غامبيا، غانا، غينيا، بيساو، غينيا، ليبيريا، مالي، النيجر، نيجيريا، السنغال، سيراليون وتوجو، وهي منطقة غنية بأحواض الأنهار مثل نهر السنغال ونهر النيجر، وتتميز بوجود السافانا الكثيفة و الحيوانات البرية.. أما قطاع أحواض أنهار أفريقيا فيشتمل على 6 لوحات خاصة بأكبر أحواض الأنهار الأفريقية.
وبكل تلك التجهيزات المتحفية والفنية وما يعم به المركز من مقتنيات ووثائق وما يحتويه من قاعات عرض فإن المركز الثقافي الأفريقي هو إضافة جديدة ومميزة لمعالم محافظة أسوان، وشمس مضيئة تشرق في سماء القارة السمراء يمتد إشعاعها بالود والترحاب إلى جميع دول قارة أفريقيا.
واستكمالا لتلك الأعمال، تم ترقية وتطوير منطقة (رمز الصداقة المصرية الروسية) والذي يعد من المعالم السياحية في منطقة السد العالي بأسوان، وتحقيقا لذلك تم الانتهاء من إنشاء مسطحات خضراء محيطة بالرمز تضفي جمالا على المكان ذي الرمزية التاريخية والوطنية.
وشملت أعمال التطوير أيضا عرض مجسم يمثل البحيرات والسدود على طول مجرى نهر النيل، وإنشاء معرض مفتوح للمعدات القديمة المستخدمة في أعمال تشييد السد العالي، وطالت أعمال الترقية كذلك تطوير البحيرة الصناعية المحيطة بالرمز، مع إضافة عدد من الأكشاك و المظلات في منطقة الرمز ومنطقة جسم السد العالي.
وقد أسفرت تلك الجهود عن إضافة لمسة جمالية وحضارية للمنطقة وأعادت إليها تألقها ورونقها، الأمر الذي ساهم في زيادة التدفق السياحي تجاهها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ