أكد الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، أن صرخة المواطنين اللبنانيين خلال التظاهرات التي عمت البلاد، لن تذهب هباء، وأن “الورقة الإصلاحية” التي أقرتها الحكومة قبل بضعة أيام، تمثل الإنجاز الأول الكبير للاحتجاجات الشعبية والتي استطاعت أن تزيل العراقيل والعقبات من أمامها، على نحو من شأنه إبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عن البلاد.
وشدد عون، في كلمة وجهها إلى اللبنانيين اليوم، على حرصه على صون حق وحرية التعبير أمام جميع اللبنانيين، مشيرا في الوقت ذاته، إلى أهمية الحفاظ على حرية التنقل بين أرجاء البلاد لكل المواطنين.
وقال عون إنه سيكون الضمانة الأهم لكل اللبنانيين في حالة حدوث أي تأخير أو مماطلة في عملية الإصلاح، وأنه من الآن فصاعدا سيصارح اللبنانيين بكل التطورات، وسيبذل قصارى جهده لتحقيق الإصلاح.
واعتبر أن “الذهنية الطائفية” التي حكمت البلاد، هي أساس المشاكل الراهنة التي يمر بها لبنان، لافتا إلى أن طموحه كان ولا يزال التخلص من هذه الذهنية للوصول إلى دولة مدنية.
وشدد عون على ضرورة استعادة الأموال المنهوبة والمسروقة، مشيرا إلى أنه سبق وتقدم بقانون لاستعادتها، وقال “كل من سرق المال العام يجب أن يُحاسب، لكن من المهم ألا تدافع طائفته عنه بشكل أعمى، فالسارق لا طائفة له وهو لا يمثل أي دين”.. داعيا إلى كشف كل الحسابات المصرفية للمسئولين ورفع السرية عنها، بحيث تكون خاضعة للتدقيق والمحاسبة بمعرفة القضاء.
وقال “الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة ستكون الخطوة الأولى لإنقاذ لبنان وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه، وهي الإنجاز الأول للبنانيين، ولكنها خطوة يجب أن تواكب بمجموعة تشريعات لأن مكافحة الفساد الحقيقية تكون عبر قوانين وبالتطبيق الصارم للقانون، وليس بالشعارات والمزايدات والحملات الانتخابية”.
ودعا الرئيس اللبناني جموع المواطنين إلى التشدد في المراقبة والمحاسبة، ومطالبة أعضاء المجلس النيابي بالتصويت على مجموعة من اقتراحات القوانين الموجودة بالفعل لدى مجلس النواب، والتي من شأن إقرارها أن تجعل جميع المسئولين عرضة للمساءلة والمحاسبة القانونية.
واستعرض عون مجموعة من أهم تلك المقترحات بقوانين لدى المجلس النيابي، وهي تتعلق بإنشاء محكمة خاصة بالجرائم المتعلقة بالمال العام، واسترداد الدولة للأموال المنهوبة، ورفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب وموظفي الفئة الأولى (كبار موظفي الدولة) الحاليين والسابقين، ورفع الحصانات عن الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وكل من يتعامل مع المال العام.
وأكد الرئيس اللبناني أنه قد أصبح من الضرورة إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي، لكي تتمكن السلطة التنفيذية من متابعة مسئولياتها، وذلك من خلال الأصول الدستورية المعمول بها.
ودعا اللبنانيين جميعا إلى أن يكونوا المراقبين لتنفيذ الإصلاحات.. قائلا :”الساحات مفتوحة دائما أمامكم، في حال حصل أي تأخير أو مماطلة، وأنا من موقعي، سأكون الضمانة وسأبذل جهدي لتحقيق الإصلاح”.
وأكد عون أن تغيير النظام لا يتم في الساحات والميادين، وإنما من خلال المؤسسات الدستورية، مشيرا إلى استعداده أن يلتقي بممثلين عن المعتصمين والمتظاهرين للاستماع إلى مطالبهم بشكل مباشر، وفتح حوار بناء يوصل إلى نتيجة عملية وتحديد الخيارات التي توصلنا إلى أفضل النتائج.
واعتبر أن نظام الحكم في لبنان يحتاج إلى تطوير وذلك بعدما أصيب بـ “الشلل” لسنوات طويلة، على نحو أصبح معه عاجزا عن تطوير نفسه، وأن المؤسسات الدستورية بإمكانها إجراء هذا التطوير، إلى جانب أن البلاد تحتاج إلى تغيير النموذج الاقتصادي اللبناني القائم بحيث يصبح منتجا ويخلق فرص العمل.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)