ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية فى افتتاحيتها أن إسرائيل فتحت «أبواب الجحيم» على مدينة غزة دفعة واحدة، وبدأت «عملية حاسمة» لاجتياح المدينة وتوسيع دائرة جريمة الإبادة الشاملة وخطط إخلاء السكان في مشاهد مأساوية وفوضوية لا تليق بأي كائن حي وتطعن في العمق المشاعر الإنسانية على مرأى ومسمع العالم أجمع، ولا من مغيث.
المؤلم أن هذا التصعيد المسعور تزامن مع انتهاء القمة العربية الإسلامية في الدوحة، ومرة أخرى تثبت إسرائيل أنها لا تستجيب إلى دعوات إنهاء هذا العدوان الفظيع ولا تريد أن تترك مجالاً للتفاوض لوقف النار وإطلاق سراح المحتجزين المتبقين.
وبدلاً من الامتثال إلى التحذيرات والتنبيهات الصريحة من خطورة ما يجري، قررت الحكومة المتطرفة في تل أبيب تعميق الكارثة، وتتبجح علناً بأن «غزة تحترق» وتتفاخر بتدمير المدينة وقتل الأبرياء بالجملة، وهذا السلوك لا يصدر إلا عن قيادات تشبعت بخطابات الكراهية والعنصرية وفقدت العقل والمنطق، وقررت التورط في حرب بلا أفق ولا نتائج.
وبينما تقول دولة الاحتلال إن الغاية المزعومة هي استعادة الرهائن، تشير المعطيات الميدانية إلى أن اتساع عملية تدمير ما تبقى من مظاهر العمران وقصف المقصوف أصلاً، لا يترك مجالاً لبقاء المحتجزين أحياء. وربما استباقاً لهذه النتيجة بدأ الترويج إلى أن الفصائل الفلسطينية أخرجت هؤلاء الرهائن من الأنفاق لاستخدامهم «\ندروعاً بشرية»، مع العلم أن عدد الأحياء منهم لا يتجاوز العشرين.
تصعيد القصف بهذه الهمجية وتحشيد قوات كبيرة لاجتياح غزة، يعنيان أن إسرائيل لم تعد تهتم بمصير المحتجزين ولا بمسار المفاوضات، وستضرب بكل ما تمتلك من أدوات القتل لرسم صورة للنصر فوق أنقاض المدينة المدمرة، كما أن توسيع العملية تحت مسمى «عربات جدعون 2» يمثل أعلى درجات الرعونة الإسرائيلية، وإصراراً على استباحة كل شيء وفرض معركة قد تستمر أربعة أشهر، يتم خلالها استخدام أسلحة غير تقليدية لتهجير السكان إلى الجنوب وتدمير كل معالم مدينة غزة ومحوها من الخريطة حتى لا تكون مكاناً صالحاً للعيش أو لعودة سكانها إذا انتهت هذه الحرب، التي تمعن في استضعاف الفلسطينيين والاستقواء عليهم، ولا مبرر لهذا السلوك الحاقد غير الرغبة الحارقة في الانتقام والتنكيل بكل ما يمت بصلة لأهل غزة.
المصدر : صحيفة الخليج الإماراتية

