قالت صحيفة الخليج الإماراتية إنه لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحلم بالحصول على «جائزة نوبل للسلام»، فهو يروّج أنه أنهى ثماني حروب خلال ثمانية أشهر من ولايته. وتعمل إدارته على تلميع صورته بأنه «رئيس السلام» الذي يسعى لإحلال السلام العالمي.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية نشرت تغريدة على حسابها على منصة (إكس) بهذا الخصوص، مرفقة بجرافيك يتضمن صورة لترامب وهو يلوّح بقبضته أثناء نزوله من الطائرة الرئاسية، مع قائمة بالدول التي قالت إنه أسهم في إنهاء الحروب بينها. وتشمل القائمة في التغريدة، كمبوديا وتايلاند، كوسوفو وصربيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، باكستان والهند، إسرائيل وإيران، مصر وإثيوبيا، أرمينيا وأذربيجان، وأخيراً إسرائيل وحماس.
من خلال النظر في هذه القائمة، من الواضح أن الواقع يقدّم صورة مغايرة، وفيها شيء من المبالغة، لأن هناك دولاً لم تقع بينها أي حروب حتى ينهيها ترامب. فلم تقع الحرب بين مصر وإثيوبيا، بل هناك أزمة عميقة بينهما بشأن نهر النيل بعد قيام إثيوبيا ببناء «سد النهضة» الذي قلّص من حصة مصر والسودان من مياه النهر. كما لم تقع أي حرب بين صربيا وكوسوفو، بل هناك أزمة تاريخية قائمة جراء حرب كوسوفو (1998-1999)، ورفض صربيا الاعتراف باستقلال كوسوفو، وبالتالي ما زالت الأزمة قائمة بين البلدين من دون حل.
أما الأزمة بين الهند وباكستان، فهي أيضاً تاريخية، وأدت إلى سلسلة من الحروب بينهما، وكان آخرها في 7 مايو/أيار الماضي، حيث تم تبادل إطلاق النار والغارات الجوية لمدة ثلاثة أيام بعد اتفاق على وقف إطلاق النار توسط فيه ترامب، لكنه لم يكن اتفاق سلام، وما زال التوتر قائماً بين البلدين.
وبخصوص تايلاند وكمبوديا التي أعلن ترامب انتهاء الحرب بينهما، بعد توقيع اتفاق سلام في العاصمة الماليزية خلال قمة «الآسيان» بين رئيسي وزراء تايلاند أنوتين شارنفيراكويل وكمبوديا هون مانيه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبحضوره، فإن هذا الاتفاق سرعان ما تبدد، حيث تدور منذ أيام اشتباكات ضارية على الحدود بينهما أدت إلى مقتل العشرات، وإجلاء مئات الآلاف من المدنيين على جانبي الحدود.
ولم يكد يجف حبر اتفاقية السلام التي وقعها رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي في واشنطن يوم 19 يونيو حتى تجددت الاشتباكات بين البلدين، وتبادلا الاتهامات بانتهاك الاتفاق، حيث تتهم الكونغو رواندا بدعم «حركة 23 مارس» التي تقول إنها حررت بلدة «أوفيرا» شرق الكونغو، وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 200 ألف شخص فروا من منازلهم في الأيام القليلة الماضية، وقتل عشرات المدنيين.
أما اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تم توقيعه في شرم الشيخ في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمشاركة الرئيس الأمريكي، ووفقاً لخطته المؤلفة من عشرين بنداً إثر حرب الإبادة التي قامت بها إسرائيل في القطاع على مدى عامين، فهو اتفاق لا يزال هشاً، ولم تنفذ إسرائيل منه أي بند، وتواصل اعتداءاتها اليومية على المدنيين، وتلوّح بالتوسع في القطاع ورسم حدود جديدة له، في حين تواصل اعتداءاتها اليومية على كل من لبنان وسوريا، وتحتل أجزاء من أراضيهما تحت أنظار ترامب وإدارته.
اتفاق السلام الوحيد الذي لا يزال صامداً هو الاتفاق الأذربيجاني – الأرمني الذي وقعه يوم 8 أغسطس/آب الماضي في البيت الأبيض الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، والذي أنهى نزاعاً حول إقليم كاراباخ استمر 27 عاماً.
ومع ذلك يُصِرّ ترامب على القول إنه أنهى ثماني حروب .

