نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا مطولًا حول الأحوال الأمنية داخل قطاع غزة .
و بدأ تقرير الجارديان بانه في وقتٍ يتصاعد فيه الزخم حول الخطة التي اقترحها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإنهاء الصراع فى قطاع غزة، تبرز على الأرض تطورات قد تقوض هذه الجهود من جذورها.
ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، فقد بدأت ميليشيات مسلحة محلية، مدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر من الاحتلال الاسرائيلي، في الانتشار وفرض نفوذها على مناطق مختلفة من القطاع، ما يعزز من حالة الانفلات الأمني، ويهدد إمكانية استعادة النظام في مرحلة ما بعد الحرب.
منذ عدة أشهر، شرعت الأجهزة العسكرية الإسرائيلية بتسليح وتدريب جماعات فلسطينية في غزة، بهدف تشكيل “قوة مساعدة” محلية لمواجهة حماس، فيما يبدو أنه استراتيجية موازية تمهد للمرحلة الانتقالية التي تتضمنها خطة ترامب.
وأبرز هذه الجماعات تُعرف باسم “القوات الشعبية”، وتعمل تحت قيادة شخصية مثيرة للجدل تُدعى ياسر أبو شباب في جنوب القطاع، بتنسيق وثيق مع القوات الإسرائيلية وبدعم من مؤسسة تُدعى “غزة الإنسانية”، وهي منظمة غامضة تمولها أطراف أمريكية وإسرائيلية.
إلى جانب “القوات الشعبية”، ظهرت نحو اثنتي عشرة ميليشيا جديدة في مناطق مختلفة من القطاع، من بينها خان يونس والنصيرات وشرق مدينة غزة.
يقول حسام الأسطل، قائد إحدى هذه المجموعات فى تصريحات للجارديان : حماس كانت تراهن على أنه لا بديل لها في غزة، ولكن اليوم هناك بدائل، وأنا منها و لا أمانع في التعاون مع الشيطان نفسه إذا كان ذلك يعنى حماية مدينتى.
وقال مسئول في إحدى وكالات الإغاثة الدولية العاملة في غزة، إنهم لم يتلقوا أي تواصل من “السلطة الفعلية” في إشارة إلى حماس منذ مارس، وأن الوضع الأمني بات “شبه معدوم”.
وأضاف المسئول الدولى : “في الشمال لا أحد يسيطر، في الوسط توجد ميليشيات وعائلات نافذة، وفي الجنوب عملاء رسميون لإسرائيل.. القانون ينهار، والنسيج الاجتماعي يتمزق”.
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة ACLED لمراقبة النزاعات، سُجِّل أكثر من 220 حادث عنف داخلي فلسطيني منذ أكتوبر 2023، أدى إلى استشهاد نحو 400 شخص.
شملت الضحايا ضباط شرطة، ونشطاء معارضين لحماس، أفرادًا متهمين بالتعاون مع إسرائيل، وتجارًا متهمين بالاحتكار.
وردت حركة حماس على تمدد هذه الجماعات المسلحة بتشكيل وحدات خاصة لمحاربتها، ونفذت عمليات إعدام علنية بحق “متعاونين”، وقتلت 50 مقاتلًا من القوات الشعبية في يونيو وقبل أسبوعين، نصبت كمينًا في شمال غزة أسفر عن مقتل عدد من عناصر الميليشيات.
وقال الجنرال السابق يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن إسرائيل يمكنها دعم العائلات الكبرى في غزة ضد أخرى من أصول لاجئة، في إطار استراتيجية لتفكيك حماس داخليًا.
وأضاف أميدرور : إذا فشل ذلك، فربما يصبح الوضع شبيهًا بالصومال، وهذا رغم خطورته، سيكون أفضل من بقاء حماس.
الخطة الأمريكية المكونة من 20 نقطة، والتي عُرضت رسميًا هذا الأسبوع، تقترح تشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية مؤقتة لإدارة غزة، تحت إشراف مجلس سلام دولي بقيادة ترامب نفسه، وإرسال قوة استقرار مؤقتة من دول إقليمية للحفاظ على النظام.
لكن مراقبين يرون أن هذه الخطة قد تصطدم بواقع معقد تعمّه الانقسامات المسلحة والمصالح الفئوية، ما يعرقل تنفيذها فعليًا.
وحذّرت نيومي نيومان الزميلة في معهد واشنطن والمسئولة السابقة في “الشاباك” من أن هذه الجماعات قد تتحول إلى كيانات خارجة عن السيطرة دون رقابة صارمة، قد تتحول هذه الجماعات إلى عناصر مارقة تُغذي الفوضى بدلاً من احتوائها.
في وقتٍ يُطرح فيه سيناريو السلام، تبقى المعادلة على الأرض شديدة التعقيد، بين تمدد ميليشيات تتلقى دعماً من الخارج، ومحاولات حماس المستميتة لاستعادة السيطرة.
المصدر : الجارديان

