أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الثلاثاء، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خلّفت تبعات إقليمية بالغة السلبية والخطورة، إذ تراجعت حركة السياحة في دول الجوار واستُهدِفت سلاسل الإمداد العالمية، وتأثرت عوائد الممرات البحرية، واضطربت أسعار الطاقة؛ بما ينعكس سلباً على أسعار الغذاء والسلع الأساسية.
وقال أبوالغيط، في كلمة لدى افتتاح أعمال الدورة 13 لملتقى الاستثمار السنوي بأبوظبي، إن حرص جامعة الدول العربية على التعاون في هذا الملتقى، نابع من قناعتها التامة بأهميته في الترويج لفرص الاستثمار في الإمارات وفي المنطقة العربية، ودوره في جمع قادة الشركات الرائدة وأصحاب الأعمال وصانعي السياسات الاقتصادية في مكان واحد لتبادل الخبرات وبناء شراكات جديدة تعود بالنفع على كافة الأطراف.
وأضاف أن هذا الملتقى حظي بدعم كبير من القيادة الإماراتية منذ إطلاقه؛ مما كان له الأثر الطيّب على تنوّع جلساته وزيادة عدد المشاركين فيه على نحو لافت، إذ ارتفع عدد الدول المشاركة في فعالياته من 40 في عام 2011 إلى 175 دولة خلال هذه الدورة.
وتابع أبو الغيط، موجها حديثه للمشاركين، بالقول “أدرك أنكم رواد أعمال، وأنكم هنا للبحث عن فرص جديدة للشراكة، أو لمناقشة سبل تحسين مناخ الاستثمار وإزالة العوائق التي تحول دون تطوير المشروعات القائمة وإطلاق أخرى جديدة.. ولكنني أدرك أيضا اهتمامكم الشديد بموضوع الاستقرار وتأثيره على بيئة الأعمال”.
وأشار إلى أن الاستقرار هو بحق شرط الاستثمار، وهو العامل الأهم لتحقيق نمو قابل للاستدامة والاستمرار.. متابعا: “وفي هذا الصدد؛ تعلمون جميعا شدة وخطورة الأزمات التي مرت بها المنطقة العربية مؤخرا، والتي حالت دون استقطابها لرؤوس الأموال الكافية بالرغم من الجهود التي بذلتها الدول والفرص الهائلة التي تتوفر عليها”.
ونوه إلى أن الظروف، التي تتشابك وتتزامن فيها أزمات عالمية مع اضطرابات مزمنة داخل بعض دول المنطقة، أثرت بشكل سلبي على فرص النمو وعطّلت مسيرة التنمية الشاملة في بعض ربوعها.
وأبرز أبو الغيط، في الكلمة التي وزعتها الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة، أن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة مثال واضح على تأثر الاستثمار وريادة الأعمال بغياب الاستقرار؛ إذ أضافت تلك الحرب الغاشمة التي استهدفت البشر والحجر في فلسطين، بلا أي اعتبار أخلاقي أو وازع من ضمير أو إنسانية أو اعتبار لقانون الحرب، عبئا ثقيلا على الاقتصاد الفلسطيني، بسبب استهداف إسرائيل المتعمد لكل الاستثمارات والبنى التحتية والانجازات التي تحققت، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة؛ سعيا منها إلى كسر الصمود الفلسطيني عبر ممارسة أقسى صور العقاب الجماعي التي عرفها القرن الحادي والعشرين.
ودعا إلى زيادة حجم المساعدات العاجلة لتخفيف الظروف الانسانية المأساوية التي نراها بحزن كل يوم. وذكر أنه رغم التحديات المتعاظمة فقد نما الناتج المحلي العربي الاجمالي في عام 2023 ليبلغ 3.5 تريليون دولار، وقد توقع صندوق النقد الدولي بأن يتحسن أداء الاقتصادات العربية لينمو بمعدل 3.6 بالمئة في عام 2024 مدفوعا بنمو الدول النفطية، وبطبيعة الحال يبقى ذلك مرهونا بانعكاسات الحرب على غزة.
وقال أبو الغيط إن، هناك موضوعا مهما كذلك يتصل اتصالا وثيقا بأعمال هذا المؤتمر، ويتعلق بالدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في مجال الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، معتبرا أن هذا الموضوع سيشكل قاطرة المستقبل؛ إذ يتيح الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة لدراسة الأسواق على نحو أعمق وأكثر تجردا وموضوعية مسلحا بالبيانات الضخمة والقدرات الحاسوبية المتصاعدة باستمرار، وتقديم استشارات دقيقة بشأن تطورات الأسواق على المديين المتوسط والطويل.
وأضاف أن كبرى الشركات الرقمية خصصت مبالغ طائلة لتطوير قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي إدراكا، منها بعوائده المحتملة وأهميته في المستقبل القريب، داعيا إلى تعزيز الاستثمار العربي في شركات الذكاء الاصطناعي ودعم حاضنات الشركات الرقمية الناشئة ووضع سياسات عربية لبناء القدرات وتطوير التشريعات في هذا الشأن، فضلا عن دفع البحث والتطوير على نحو يمكّن العالم العربي من مواكبة هذه الثورة الكبرى التي توشك أن تغير الاقتصاد العالمي جذريا وبشكل شامل.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)