استعرضت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر، اليوم الأحد، تأثير ولاية دونالد ترامب الثانية للولايات المتحدة على الانتخابات حول العالم، حيث أضاف بعض الناخبين إلى مخاوفهم القديمة سؤالاً جديداً ألا وهو من سيواجه ترامب؟.
وأوضحت الصحيفة – أن الرئيس الأمريكي وسياساته كان لها تأثير كبير في الانتخابات في كندا وألمانيا وجرينلاند وغيرها بينما انضمت أستراليا هذا الأسبوع إلى قائمة سريعة النمو تضم دولا أجرت انتخابات برزت فيها سياسات ترامب الخارجية وخطاباته بشكل كبير.
وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، من يسار الوسط، فاز بولاية ثانية يوم أمس السبت بعد أشهر من تأخره في استطلاعات الرأي .. وبينما كانت هناك عوامل أخرى مؤثرة، يبدو أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على أستراليا قد عززت فرص فوز ألبانيز – كما يقول المحللون – وهو ما يعكس نتائج انتخابات يوم الإثنين في كندا، حيث اختار الناخبون الذين يبحثون عن إجابة لترامب مارك كارني.
وتناولت الصحيفة لمحة مختصرة عن الانتخابات التي أجريت في الفترة السابقة، وكان لسياسات ترامب تأثير عليها، موضحة أنه فيما يتعلق بأستراليا، بعد تصدره استطلاعات الرأي لستة أشهر، وجد بيتر داتون، المرشح المحافظ لأستراليا، نفسه متأخرًا مع اقتراب موعد الانتخابات الأسترالية.
ويوم السبت، حقق حزب العمال فوزا ساحقا، معززا أغلبيته البرلمانية ، بما في ذلك فوزه بمقعد داتون، وهي خسارة تاريخية لزعيم معارضة في انتخابات اتحادية أسترالية.
وبدا داتون – المتشدد تجاه الصين والمحقق السابق – كأنه يحاكي ترامب في بعض الأحيان: فقد وعد بمعالجة عدم كفاءة الحكومة إذا أصبح رئيسًا للوزراء، مكررًا بذلك نهج ترامب كما وعد بتقليص مبادرات “التنوع الثقافي والشمول” الحكومية والمدرسية، على غرار هجوم ترامب الشرس على برامج التنوع والشمول الثقافي.
لكن مكانة ترامب في أستراليا تراجعت بشدة مع فرضه رسومًا جمركية باهظة على مستوى العالم – بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع من هذا الحليف القديم – وتراجعت شعبية داتون إلى جانب ترامب، وفقًا لما ذكره محللون لصحيفة واشنطن بوست.
وبعد الاضطراب الشامل الذي أصاب النظام التجاري العالمي، لاحظ ألبانيز تحسنًا في استطلاعات الرأي، حيث قال ألبانيز عندما تعرضت أستراليا لرسوم ترامب الجمركية: “هذا ليس تصرفًا من صديق”.
وقال رئيس الوزراء المُعاد انتخابه “لسنا بحاجة إلى التوسل أو الاقتراض أو التقليد من أي مكان آخر، لا نبحث عن إلهامنا في الخارج. نجده هنا في قيمنا وفي شعبنا”.
وفيما يتعلق بكندا، حقق رئيس الوزراء مارك كارني وحزبه الليبرالي فوزًا في أبريل الماضي، متغلبين على تراجع في استطلاعات الرأي تجاوز 20 نقطة، في عودة غذتها جزئيًا حرب ترامب التجارية وتهديدات الضم التي تلوح في الأفق في البلاد .. وقال كارني في خطاب فوزه: “كما حذرت منذ أشهر، أمريكا تريد أرضنا ومواردنا ومياهنا وبلدنا. هذه ليست تهديدات عابرة. الرئيس ترامب يحاول تحطيمنا حتى تتمكن أمريكا من امتلاكنا”.
وكان ترامب قد هدد مرارًا وتكرارًا بجعل كندا الولاية رقم 51، وأعلن عن فرض رسوم جمركية على بعض أكبر صادرات كندا إلى الولايات المتحدة.. وفي صباح يوم الانتخابات الكندية، تمنى ترامب “حظًا سعيدًا” للكنديين في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا مجددًا أن بلادهم يجب أن تكون جزءًا من الولايات المتحدة.
وقبل بضعة أشهر من انتخابات 28 أبريل، كانت استطلاعات الرأي تصب في صالح بيير بواليفر، السياسي المحترف ولكن مع إثارة سياسة ترامب الخارجية العدوانية غضب العديد من الكنديين، وشكل تشابه بواليفر مع ترامب عاملا سلبيا بالنسبة له .. وفي غضون أشهر، غيرت رسوم ترامب الجمركية وحديثه عن الولاية رقم 51 نبرة السياسة الكندية، وأدى إلى بروز قومية كندية.
وفي غضون ذلك، استغل كارني، محافظ البنك المركزي السابق – الذي خلف جاستن ترودو كرئيس للوزراء بعد تنحيه في مارس – مخاوف الكنديين بشأن ترامب، حيث سعى الكثير منهم إلى شخص قادر على حماية بلادهم من الزعيم الأمريكي، وفقًا لما ذكرته الصحيفة.
وفيما يتعلق بجرينلاند، قبل أقل من ثلاثة أشهر من انتخابات جرينلاند – وقبل توليه منصبه – أعلن ترامب ملكيته لإقليم الدنمارك شبه المستقل، ناشرًا على وسائل التواصل الاجتماعي: “لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، ترى الولايات المتحدة أن ملكية جرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة”.
وبعد أسابيع، كرر رغبته في الاستحواذ على جرينلاند، كاتبًا: “جرينلاند مكان رائع، وسيستفيد شعبها استفادة هائلة إذا أصبحت جزءًا من أمتنا.. سنحميها ونعتز بها من عالم خارجي شرس للغاية، لنجعل جرينلاند عظيمة مرة أخرى!”.
ولفتت هذه التعليقات انتباها كبيرا إلى انتخابات جرينلاند، التي نادرًا ما كانت قريبة من الأضواء العالمية حيث أكد موت إيجيدي، رئيس وزراء جرينلاند آنذاك، أن جرينلاند “ليست للبيع” ومنع البرلمان الأحزاب السياسية من تلقي تبرعات “من مساهمين أجانب أو مجهولين”، في خطوة تهدف إلى حماية النزاهة السياسية في جرينلاند.
وفي مناظرة أخيرة قبل أيام من انتخاب جرينلاند حكومة جديدة، أعرب قادة الأحزاب الخمسة في البرلمان عن عدم ثقتهم بترامب بالإجماع.
وظلت تهديدات ترامب منذ ذلك الحين محور اهتمام قادة جرينلاند، حيث أكد رئيس وزراء جرينلاند الجديد، ينس فريدريك نيلسن، في أبريل أن جرينلاند “لن تكون أبدا، أبدا، قطعة أرض يمكن لأي شخص شراؤها”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل الانتخابات الألمانية، أيد مسؤولون في إدارة ترامب علنًا حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المناهض للهجرة، وهو حزب صنفته المخابرات الألمانية لاحقًا كمنظمة متطرفة.
وكتب ماسك في 20 ديسمبر الماضي أن “حزب البديل من أجل ألمانيا وحده قادر على إنقاذ ألمانيا” ونشر على منصة التواصل الاجتماعي التي يملكها “إكس”، أكثر من 70 مرة، ترويجًا لحزب البديل من أجل ألمانيا لمتابعيه البالغ عددهم 218 مليونًا، مما زاد من انتشار الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما التقى نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس بأليس فايدل، رئيسة حزب البديل من أجل ألمانيا، ليصبح بذلك أرفع مسؤول أمريكي يفعل ذلك، وحاول في خطاب له تصدير سياسة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا” إلى أوروبا.
واستشاط القادة الألمان غضبًا واتهموا إدارة ترامب بالتدخل في الشؤون الداخلية قبل أقل من عشرة أيام من الانتخابات الوطنية.
وجاء الحزب، الذي كان هامشيًا سابقًا، وكان يكتسب زخمًا قبل عودة ترامب إلى السلطة بوقت طويل، في المرتبة الثانية، بأكثر من 20% من الأصوات.
وقال فريدريش ميرز، الديمقراطي المسيحي المحافظ والمُرشح لمنصب المستشار القادم، بعد التصويت: “إن أوروبا بحاجة إلى تحقيق الاستقلال عن الولايات المتحدة تدريجيًا”.
ونوهت الصحيفة بأنه لم يقتصر رد الفعل الدولي على ترامب في صناديق الاقتراع على رد فعل عنيف فحسب، بل في المملكة المتحدة، حاول حزب الإصلاح اليميني المناهض للهجرة الموازنة بين انتقادات ترامب وجهوده لاستغلال التيارات الخفية المشابهة لتلك التي دفعته إلى السلطة.
وحقق الحزب مكاسب تاريخية في الانتخابات المحلية هذا الأسبوع، حيث انحاز نايجل فاراج، مؤسس الحزب، الذي قاد تصويت بريطانيا على خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلى ترامب.
وفي رومانيا، يُعد القومي المتطرف جورج سيميون من أبرز المرشحين في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى الأيام المقبلة عندما أعرب سيميون عن دعمه لحركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا” التي يقودها ترامب.
وفي الإكوادور، ربما تلقى الرئيس دانيال نوبوا، الذي أُعيد انتخابه في أبريل الماضي ، دفعة قوية من علاقته الودية ظاهريا مع ترامب، وفقًا لما ذكرته المحللة السياسية الإكوادورية كارولين أفيلا للصحيفة.
وهناك المزيد من الانتخابات القادمة، حيث من المقرر أن تنتخب كوريا الجنوبية رئيسا في يونيو المقبل، ومن المتوقع أن تُجري اليابان انتخابات مجلس المستشارين في يوليو.. وقد تتأثر سياسات كلا الحليفين الرئيسيين للولايات المتحدة بتأثير رسوم ترامب الجمركية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)