واشنطن بوست: عمليات القتل بالضفة تظهر أنه حتى الأمريكيين ليسوا بمنأى عن جرائم المستوطنين

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن مقتل شابين من قرية في الضفة الغربية، أحدهما مواطن أمريكي من أصل فلسطيني يبلغ من العمر 20 عاما، إنما يمثل تصعيدا ملحوظا في الصراع الذي يخوضه المستوطنون الإسرائيليون على الأراضي المملوكة للفلسطينيين في تلال الضفة الغربية مترامية الأطراف.
وقالت الصحيفة -في تعليق أوردته اليوم الأحد – إن المزرعة الشرقية – تلك القرية الخلابة التي يحمل معظم سكانها الجنسية الأمريكية- قد نجت لسنوات من أسوأ أعمال العنف التي تجتاح الضفة الغربية المحتلة ، غير أن سكانها شاهدوا المستوطنين وهم يحملون بنادق إم-16 وقوات الأمن الإسرائيلية وهي تحول القرية المجاورة إلى ما وصفه رئيس بلديتها بـ”سجن مفتوح” محاط بالحواجز والأسوار.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين محليين وسكان قولهم إنه في الأشهر الأخيرة، بدأ المستوطنون بالظهور في الحقول المجاورة، حيث يمتلك العديد من سكان المزرعة الشرقية أراضيهم. وفجأة -كما قالوا- لم يعد بإمكانهم الوصول إلى مئات الأفدنة من بساتين الزيتون التي كانت تعد في الصيف مكانا مفضلا للنزهات المسائية. فقد أغلق المستوطنون الطرق وطاردوا من حاولوا الدخول، فيما قرر القرويون المقاومة فبدأوا بالتجمع بعد صلاة الجمعة في الحقول الواقعة بين المزرعة الشرقية وقرية سنجل المجاورة، في استعراض للقوة.
وأضافت الصحيفة إن كفاحهم يشبه كفاح مناطق أخرى في الضفة الغربية، حيث تقول الأمم المتحدة إن عنف المستوطنين الإسرائيليين هذا العام بلغ ذروته منذ عقدين على الأقل. وتظهر تجربتهم أنه لا يوجد مكان في هذه المنطقة – حتى لو كان غنيا نسبيا ويسكنه حاملو جوازات سفر أمريكية – بمنأى عن عنف المستوطنين الإسرائيليين .
وأشارت واشنطن بوست إلى أنه في يوم الجمعة 11 يوليو، انتهت المظاهرة الأسبوعية بإراقة دماء، وفقا لمسؤولين محليين وسكان، حيث اعتدى مستوطنون بالضرب حتى الموت على سيف الله كامل مسلط، وهو مواطن وصل مؤخرا إلى القرية من تامبا، وتم إطلاق النار على شاب يبلغ من العمر 23 عاما، مما أدى إلى وفاته. وقد انفصل الاثنان عن المجموعة الرئيسية من المتظاهرين وسط اشتباك بين المستوطنين والسكان الفلسطينيين.
وصرح متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية في بيان يوم الجمعة بأن الشرطة تجري تحقيقا في وفاة مواطن أمريكي من أصل فلسطيني، يزعم أنها وقعت إثر مواجهة. وبعد يومين من عمليات القتل، وبينما سادت حالة من الحزن في القرية، امتلأت الشوارع الهادئة عادة بصيحات الألم .
وتعليقا على ذلك قالت مها حلوم، والدة مسلط: “الناس يرون الحقيقة ويعرفونها ولا أحد يقف إلى جانبنا”. وأضافت بصوت متقطع: “نحن ندافع عن أنفسنا، هذا كل شيء. ندافع عن أرضنا وعائلاتنا”.
وأضافت الصحيفة أن معظم سكان المزرعة الشرقية احتفظوا بأرضهم – محتفظين بوثائق الهوية الفلسطينية حتى بعد حصولهم على الجنسية الأمريكية – حيث بنى الكثيرون قصورا على الطراز الأمريكي بجوار المنازل القديمة المكونة من طابق واحد التي نشأوا فيها، وكان بعضهم يزور المنطقة في الصيف فقط والبعض الآخر يقيم فيها لسنوات.
وقال البعض إن العودة مهمة لأنهم أرادوا تربية أطفال يعرفون جذورهم. لكنهم قالوا أيضا إنها تتعلق بحماية الأرض التي امتلكتها عائلاتهم لمئات السنين .
من جانبه ، قال معتز طوافشة، رئيس بلدية سنجل،إن المستوطنين الإسرائيليين وصلوا لأول مرة عام 2018. لكنه قال إن المستوطنين والقوات الإسرائيلية استخدموا هجوم 7 أكتوبر 2023، كذريعة لحملة الترهيب والعنف التي شنوها .
وأضاف أن القوات الإسرائيلية أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى قريته باستثناء طريق ضيق واحد، وأقامت سياجا معدنيا عاليا حول جزء كبير من محيط القرية. قال إن المستوطنين يتمتعون بحرية التصرف في معظم الأراضي المجاورة، مما يمنع حوالي 100 عائلة فلسطينية كانت تعتمد سابقا على الزراعة من الوصول إلى حقولها. وقد غادرت عشرات العائلات ذات الجنسيات المزدوجة.
وقال يوناتان مزراحي، المدير المشارك لوحدة مراقبة المستوطنات في منظمة السلام الآن، وهي منظمة إسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن أنشطة المستوطنين تتمتع بحصانة شبه كاملة. وأضاف مزراحي أن الحكومة الأمريكية تراقب عن كثب عنف المستوطنين، لكنها امتنعت عن الضغط على الحكومة الإسرائيلية لمعاقبتهم .
وبينما كانت عشرات السيارات تشق طريقها نحو سنجل في إحدى المظاهرات، مرت بالمكان الذي قتل فيه فتى أمريكي فلسطيني يبلغ من العمر 14 عاما برصاص القوات الإسرائيلية في أبريل الماضي. (قال مسؤولون محليون إنه كان يقطف اللوز الأخضر، بينما زعم الجيش الإسرائيلي إنه كان يرمي الحجارة على الطريق السريع، معرضا السائقين المارة للخطر) على حد وصفه .
ورصد التقرير عددا من عمليات القتل التي طالت مواطنين يحملون الجنسية الأمريكية، واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن هذه العمليات المتعددة تظهر إنه حتى من يحملون الجنسية الأمريكية لم يكونوا بمنأى عن جرائم وعنف المستوطنين الإسرائيليين.
المصدر : أ ش أ