الحجة الأولي، وإن لم تكن الوحيدة، لإثيوبيا في جريمة “سد النهضة” حاجتها الشديدة لكهرباء، وهي فعلا تحتاج الكهرباء بشدة لكن توفير الكهرباء للإثيوبيين خصما من حق المصريين في الحياة أمر يدعو للشك في عقول من يقولون به.
وعلى كل حال، فأن هذا الملف يؤكد ان نقص الكهرباء في أفريقيا من زاوية أو أخرى، قضية مصرية، ثم أن مصر في النهاية دولة أفريقية تعاني نقص الكهرباء.
يفيد الموقع الرقمي “لموسسة تحدي الألفية” الأمريكية بأن “تغذية أفريقيا بالطاقة تتجاوز مجرد توفير الإنارة للتتيج أملا بمستقبل واعد وهذا صحيح، منذ عام مضى بالضبط، أطلق الرئيس الأمريكي بارك أوباما مبادرة عنوانها “الطاقة لأفريقيا” وهي تهدف أساسا لتوفير الطاقة لست دول أفريية هي إثيوبيا وغانا وكينيا وليبريا ونيجيريا وتنزانيا، وهي تهدف إلي إضافة أكثر من 10 آلاف كيلو ميجا وات من قدرة الكهرباء في هذه الدول من مصادر نظيفة ، وتشارك في تحقيق المباردة وزارات الخارجية والزراعة والتجارة والمالية والطاقة الأمريكية ومؤسسة تحدي الألفية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالتعاون مع بنك التنمية الأفريقي والبنك الدولي.
وقد تعهدت الحكومة الأمريكية بتقديم 7 بليون دولار للمبادرة حتى سنة 2018 في صور مساعدات وضمانات وقروض.
تبعا للخدمة الإخبارية “نشرة واشنطن” فأن القارة تموج بمختلف مصادر الطاقة، ويؤكد تقرير للخدمة على أهمية استغلال مصدر موجود في إثيوبيا هو “الطاقة الحرارية الأرضية” أو “الطاقة الجيوحرارية” الذي يعتمد على استغلال الحرارة الكامنة تحت الأرض في تشغيل حطة تنتج 100ميجا وات من الكهرباء.
ويورد العدد السنوي لمجلة “ذي إيكونوميست” الاقتصادية للعام الحالي أن أفريقيا لا تستخدم حاليا سوى 7 في المئة فقط من إمكانيات الطاقة الكهرومائية في القارة، وأقل من 0.7 في المئة من إمكانات طاقة الرياح بها، أما استغلال طاقة الشمس فمازال في بدايته.
وقد تطرقت المجلة إلى أثر تنمية الطاقة في أفريقيا على تفاقم المخاطر المرتبطة بتغيير المناخ، ورأت أن هذا يجب ألا يكون مانعا أبدا في تحقيق المطالب العادلة بتقديم الخدمات الأساسية الموجودة في العالم الغني للأفارقة.
وقالت “ذي إيكونوميست” إن عدم توفر الكهرباء في أفريقيا إنما يعني عدم قيام الأطفال بواجبتهم المدرسية وفساد الأطعمة وتوليد السيدات على ضوء الشموع، وأضافت أنه من التقويمات المقبولة على نطاق واسع تقدير “الوكالة الطاقة الدولية” بأن استثمار مبلغ إضافي قدره 600 بليون دولار سيكون مطلوبا بحلول 2030 لتوفير الطاقة لجميع من يفتقرون إليها لإنارة المصباح وتشغيل المروحة وشحن المحمول.. إلخ.
من الأمور الجيدة جدا، الاتجاه إلى استغلال الطاقة الجيوحرارية في إثيوبيا لتوليد الكهرباء، إذ تؤكد التقديرات الجيولوجية أن الكامن في الأراضي الإثيوبية منها واعد للغاية ، ومن الأمور الجيدة أيضا: الاتجاه في أفريقيا إلى تكنولوجيا تتطور بسرعة للغاية، هي تكنولوجيا الشبكات الكهربائية القومية وهي تكنولوجيا اهتمت بها مبادرة الطاقة في أفريقيا الأمريكية.
أما عن ما جاء في “ذي ايكونوميست” من ضالة المستخدم من إمكانات الطاقة الكهرومائية في القارة، فمن حق المصريين أن تكون لديهم حساسية خاصة تجاه هذا الموضوع، بعدما لمسوه من عدم مراعاة حقوقهم المصيرية، لا نقول التاريخية، في النيل عند اتجاه البعض إلى استغلال مياهه في توليد الكهرباء، لذلك يجب أن يكون الاتجاه الأفريقي إلى تنمية الطاقة الكهرومائية في إطار ضمان عدم الإضرار بأي طرف.
الطاقة والمياه والغذاء والجفاف والتصحر والصحة العامة والتغيرات المناخية في أفريقيا سباق واحد من “طنجة” إلى “الكيب”، ويشهد يوما 26 و27 من الشهر الجاري، في مالابو عاصمة غينيا الاسوائية القمة الأفريقية بعد عودة مصر إلى المشاركة في أنشطة الاتحاد الأفريقي، وعلى الجميع أن يعي أن مصر شاركت بقوة في تحرير أفريقيا في الخمسينيات القرن الماضي وستيناته لديها من الخيرات العلمية والتكنولوجيا الآن يجعلها قادرة على المساهمة الفعالة في حل مشاكل مثل مشكلة الطاقة في القارة ..لخير الجميع.