لاشك أننا بتنا نعرف عن كوكبنا – الأرض – أكثر من أي وقت مضى : فالكثير جداً من أموره تحت الرصد المستمر الدقيق ، حتى أصبحنا نظن أنه مامن شيئ مازال مستوراً عنا ، لكن هذا الظن أبعد مايمكن عن الحقيقة المجردة : فرائد الخيال العلمي الفرنسي الأشهر “جول فيرن” مثلاً تنبأ في القرن التاسع عشر بالعديد من الأمور التي تحققت بالفعل : في مقدمتها الوصول إلى القمر ، إلا أننا الآن – وسنظل – بعيدون تماماً عن تصوره في قصته الشهيرة “رحلة إلى مركز الأرض” من استكشاف أعماق الأرض السحيقة ، فتصوراتنا عنها وإن قامت على أسس علمية : تعتمد على فرضيات ونظريات وتخمينات ، ولم نرسل مركبة استكشافية إلى هناك .. كما تخيل “فيرن” ، أما من جاء بعده بقليل الكاتب البريطاني المعروف “السير آرثر كونان دويل” : فقد افترض في روايته الخيالية العلمية المشهورة “العالم المفقود” وجود مناطق من الحياة البرية في العالم خافية علينا لانعرف عن أحيائها شيئاً ، والعجيب فعلاً أن ذلك يتأكد بين حين وآخر !
عن ملامح كوكبنا : هاهي “المساحة الجيولوجية الأمريكية” مثلاً تعلن أن علماءها جددوا الآن فقط أبرد بقعة على وجه الأرض ( درجة حرارتها 93.2 مئوية تحت الصفر ) وكانت مجهولة للعلم ، وقد تم الاكتشاف بواسطة القمر الصناعي المتطور “لاندسات 8” وهو أحدث أقمار السلسلة “لاندسات” المتخصصة في رصد الأرض والتابعة لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” ، ويتراوح طول هذه البقعة بين 5 و10 كم ، وهي تقع في شرقي القطب الجنوبي ، ووفقاً “للمركز القومي لبيانات الثلج والجليد” الأمريكي : فإن ظروفاً جوية بالغة التميز هي التي تهبط بالحرارة في تلك البقعة إلى ذلك الحد ، ويعد الاكتشاف مهماً لتفهم مناخ الأرض ككل .
ومن القطب الجنوبي إلى جنوب شرقي آسيا : حيث منطقة تثير دائماً تساؤلات مهمة عن “كوكبنا الذي لانعرفه” أو الذي لم نفرغ بعد من استكشافه ، إنها تثير تساؤلات حول أنواع الكائنات الحية التي تعيش في الكوكب ، تلك المنطقة هي حوض نهر “الميكونج” ، التي تحفل بأنواع حية لم يكتشفها العلماء ، وقد أعلن “صندوق الطبيعة العالمي” رقماً عجيباً : إذ ذكر أنه تم في الآونة الأخيرة اكتشاف 367 نوعاً جديداً من الأحياءء في المنطقة المذكورة !
ويوضح تقرير عنوانه “الميكونج الغامض” صادر عن الصندوق أن الأنواع المكتشفة تتوزع على نطاق متنوع من المملكة الحيوانية : إذ تتفاوت بين العناكب والأسماك ، ونهر “الميكونج” ينبع في جنوبي الصين ويمر بميانمار ( بورما ) ولاوس وتايلاند وكمبوديا حتى يصب في البحر في فيتنام ، وبحسب وكالة الأنباء الألمانية “دي بي آيه” : فإن القطاع الماربميانمار من النهر من أكثر مناطق الحوض احتواءً على الأنواع المجهولة ، وقد أدى عدم الاستقرار السياسي بتلك الدولة مابين سنتي 1988 و 2010 إلى عرقلة جهود علماء العالم في استكشاف أحياء ذلك القطاع .
ومن جنوب شرقي آسيا إلى ناميبيا في أفريقيا : إذ تنقل وكالة الأنباء “رويترز” أن فريقاً من “أكاديمية كاليفورنيا للعلوم” في “سان فرانسيسكو” اكتشف هناك حيواناً ثديياً يؤكد بعدنا عن الفهم الكامل للحياة في كوكبنا ، وهو حيوان صغير ( طوله 19سم ووزنه 28 جم ) تشبه هيئته العامة هيئة السنجاب : لكن مادته الوراثية تشبه مقابلتها عند الفيل الأفريقي أضخم ثدييات العالم !
وتفيد المجلة الدولية “ماملز” المتخصصة في الثدييات أن الشبه الوحيد الظاهري بين النوع المكتشف والفيل هو طول أنفه النسبي الذي يشبه خرطوم الفيل ، وقد عثر العلماء الأمريكيون عليه مختفياً بين الصخور في منطقة تكوينات بركانية قديمة .
مجدي غنيم : المحرر العلمي لـ “قناة النيل”