رأت مجلة “فورين بوليسى” الأمريكية أن لبنان يشهد تطورًا سياسيًا غير مسبوق مع انتخاب الجنرال جوزيف عون رئيسًا للجمهورية ونواف سلام رئيسًا للحكومة.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الثنائي الذي يمثل توجهًا إصلاحيًا يعكس توافقًا فكريًا نادرًا في بلد يعاني من أزمات سياسية واقتصادية خانقة.
ويأتي انتخاب عون وسلام في لحظة مفصلية، حيث يواجه لبنان تحديات غير مسبوقة.. فعون، الذي حظي بشعبية واسعة خلال قيادته للجيش، يُعتبر شخصية غير حزبية ذات سجل مهني حافل بالإصلاحات.
ومن جهته، يلتزم نواف سلام بتطبيق سيادة القانون واحترام القرارات الدولية، ما يجعلهما رمزين للتغيير الذي ينشده اللبنانيون.
وكما في عام 1958، حين اختير فؤاد شهاب رئيسًا لإنقاذ البلاد من أزمات داخلية وخارجية، تبرز قيادة عون وسلام كفرصة لإصلاح النظام وإعادة الاستقرار.
ورأى الشعب اللبنانى، الذي فقد ثقته بالوجوه التقليدية، في عون شخصية قادرة على تحويل نجاحاته العسكرية إلى مكاسب سياسية، على حد قول المجلة.
وأشارت المجلة إلى أن الدور الأمريكى كان حاسمًا في إتمام هذه التسوية السياسية، حيث تسعى واشنطن إلى استقرار لبنان بعد سنوات من الصراع مع إسرائيل.
ويحظى الجنرال عون بثقة الولايات المتحدة، خاصة بعد تعاونه العسكرى معها أثناء قيادته للجيش. ومن المتوقع أن يواصل عون برنامج إصلاح الجيش، بما يتماشى مع المصالح الأمريكية.
أما نواف سلام، فقد لاقى ترحيبًا دوليًا بفضل مواقفه المؤيدة لسيادة القانون ورفضه للسلاح خارج إطار الدولة. ورغم معارضة حزب الله لترشيحه، فإن اختياره يعكس رغبة البرلمان في كسر الجمود السياسى وفتح صفحة جديدة.
ويواجه الثنائي تحديًا كبيرًا يتمثل في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية. وقد يلجأ حزب الله يلجأ إلى تصعيد سياسى أو أمني. وتاريخيًا، لم يتردد الحزب في استخدام العنف للحفاظ على نفوذه، وهو ما يضع القيادة الجديدة أمام اختبار صعب، وفق لما ذكرته المجلة الأمريكية.
ورغم ذلك، يبدو حزب الله في وضع ضعيف بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، ما يجعله أكثر حاجة إلى التمويل الدولي لإعادة إعمار مناطقه. أي أن تصعيد من جانبه قد يُفقده هذا الدعم ويزيد من عزلة لبنان.
ولفتت المجلة إلى أن عون وسلام لا يمكنهما النجاح دون دعم دولي وإقليمى مستمر، خاصة من الولايات المتحدة والسعودية. وتحقيق أجندة الإصلاح يتطلب استثمارًا طويل الأمد لضمان استقرار لبنان ومنع عودته إلى دوامة الفوضى.
وخلصت المجلة بالقول إن هذا التطور السياسي، إذا ما استمر بدعم داخلي وخارجى، قد يكون بداية لعصر جديد يعيد لبنان إلى مكانته كدولة مستقلة ذات سيادة قادرة على مواجهة تحدياتها بعيدًا عن الصراعات الإقليمية.
المصدر : أ ش أ