أكدت صحيفة “عمان” العمانية، اليوم الأحد، أنه آن الأوان أن يتحول التضامن العربي من مفهوم إنشائي إلى منظومة ضغط مسؤولة ومستمرة، تعيد للقضية الفلسطينية وزنها الاستراتيجي، وتمنح الإنسان الفلسطيني حقه في الحياة الكريمة، في وطنه، بسلام وعدالة وأمل.
وقالت الصحيفة- في افتتاحيتها، اليوم، تحت عنوان “بيان بغداد.. هل كان في الإمكان أكثر مما كان؟!”- إن البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت ببغداد، حثّ المجتمع الدولي على الضغط من أجل وقف إراقة الدماء، ودعا إلى ضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، ودعم إعادة إعمار غزة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ حل الدولتين، وهي مواقف تعبّر، في جوهرها، عن التزام عربي مبدئي تجاه عدالة القضية الفلسطينية، وحرص واضح على تخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين في القطاع المحاصر.
وأوضحت أنه في وقت عقد القمة العربية وختام أعمالها شهد قطاع غزة أحد أكثر فصول الحرب مأساوية، حيث ظهر أباء وهم يحملون ما تبقى من أشلاء أطفالهم لتعكس، مرة أخرى، طبيعة التحديات التي تواجه العمل العربي المشترك في لحظات الأزمات الكبرى.
وأضافت أن ما تواجهه غزة اليوم من قصف ودمار وتجويع غير مسبوق، يفوق قدرات المجاملات الدبلوماسية والمواقف الرمزية، ويستدعي تحركا سياسيا مختلفا، أكثر تأثيرا، وأوضح لهجة، وأوسع أدوات؛ فالدول العربية تمتلك من الإمكانيات الاقتصادية والسياسية والرمزية ما يمكن، لو اجتمعت الإرادة، أن يُشكل أداة ضغط حقيقية تجاه الأطراف الفاعلة دوليا، القادرة على وقف الحرب أو على الأقل الحد من عنفها وتماديها، وفي المقابل، فإن اقتصار الموقف العربي الرسمي على مناشدة المجتمع الدولي، دون الإشارة إلى آليات تنفيذية أو أوراق ضغط، يُضعف من جدوى البيان، ويجعل الشعوب تشعر أن الفعل السياسي العربي، مهما كانت نواياه، يفتقر في هذه اللحظة بالذات إلى ما يكفي من التأثير.
وأشارت إلى أنه رغم ما في بيان القمة من مضامين، إلا أن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة منذ أكثر من تسعة عشر شهرا وقد تجاوزت أعداد الضحايا والمصابين والمفقودين كل ما عرفته الحروب السابقة، يطرح تساؤلا مشروعا ومبدئيا: هل تكفي المناشدات؟ وهل ما ورد في البيان يُلبّي، ولو جزئيا، طموحات الشعوب العربية التي ترى فيما يجري في غزة ليس فقط مأساة إنسانية، بل امتحان صريح لأخلاقيات النظام الإقليمي والدولي ولقدرة دولها على التأثير في العالم؟.
واختتمت الصحيفة- مقالها- بإيضاح أن ما يصنع الفارق ليس فقط ما يُقال، بل كيف يُترجم إلى فعل. والبيان الختامي في بغداد، على أهميته الرمزية، لا يمكن أن يُنظر إليه كغاية، بل ينبغي أن يكون مقدمة لحراك عربي أوسع، أكثر انسجاما مع خطورة الحدث، وأكثر قدرة على أن يعبر عن نبض الشعوب التي ما زالت ترى في فلسطين جوهر القضايا العربية، ومعيارا أخلاقيا لا يمكن التنازل عنه.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)