أكد رئيس الجهاز المصري للملكية الفكرية الدكتور هشام عزمي، أن مصر تشهد نقلة نوعية في منظومة الملكية الفكرية، ويأتي احتفال المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) باليوم العالمي للملكية الفكرية كل عام مذكرا بأهمية العقول المبدعة ومكرسا لضرورة حماية نتاجها الفكري وإبداعاتها.
وقال هشام عزمي، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم /الاثنين/، على هامش احتفال الجهاز المصري للملكية الفكرية باليوم العالمي للملكية الفكرية “الملكية الفكرية والموسيقى: استشعار إيقاع الإبداع” الذي ينظمه بالتعاون مع المركز الأعلى للثقافة، إن الاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية هو رسالة واضحة بأهمية حماية هذا الموروث الثقافي والإبداعي وضرورة دعم الفنانين والمبدعين الموسيقيين، لكي يستمروا في إثراء حياتنا الفنية والثقافية لأننا نؤمن بأن الاستثمار في الإبداع الموسيقي هو استثمار في مستقبل مصر وهويتها الحضارية.
وأضاف “إذا كان العالم يحتفل باليوم العالمي بحماية الفكر والإبداع والابتكار، فلنا أن نفتخر جميعا بوطن عظيم عريق علم الدنيا كلها، لقد كان لمصر عبر تاريخها التليد دور كبير في الفكر والفنون والإبداع فهنا كانت المطبعة الأولى في المنطقة العربية، مطبعة بولاق عام 1820، وأول أوبرا الأوبرا الخديوية عام 1869، وأول مكتبة وطنية الكتبخانة الخديوية عام 1870 وهنا أيضا وفي الإسكندرية كان ثاني عرض سينمائي في العالم بأسره عام 1896 فإذا ما انتقلنا إلى بدايات القرن العشرين نجد إرهاصات الجمعيات العلمية والجامعات ودور الصحف كما انطلق هنا أول بث إذاعي في مايو 1934 وأول بث تليفزيوني في يوليو 1960”.
وأشار إلى أنه قدر لهذا البلد أن يكون سباقا ورائدا بل ومعلما في محيطه العربي والإفريقي رافدا للعلوم والفنون والآداب ومركزا للإشعاع الثقافي والفكري والحضاري وحاضنا لكل مثقف ومبدع ومفكر يأتيه من كل حدب وصوب.
وأوضح أن اختيار الموسيقى يأتي كمحور رئيسي لاحتفالية هذا العام ليحمل في طياته دلالات عميقة لمصر التي عرفت النغم والألحان منذ فجر التاريخ، فمنذ قديم الأزل كانت الموسيقى جزءا أصيلا من حياة المصريين القدماء، تعبر عن أفراحهم وأتراحهم وترافقهم في احتفالاتهم ومواكهبم تعزز من هيبتهم وسلطانهم وترافق طقوسهم الدينية والدنيوية، فلقد نقشت الألحان على جدران المعابد وصدحت بها الآلات الموسيقة في البلاطات الملكية وحتى في الحياة اليومية كانت الأغاني والألحان تصاحب الأعمال الزراعية والحرف اليدوية لتشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية المصرية.
وتابع أنه على مر العصور ظهرت ألوان جديدة من الألحان والأنماط الموسيقية التي امتزجت بالتراث القديم لتنتج فسيفساء فريدة تعكس التنوع الثقافي لمصر، فاحتلت الأناشيد الدينية والتواشيح مكانة مرموقة وازدهرت الموسيقى الشعبية التي تعبر عن حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم في مختلف ربوعها.
ولفت إلى أنه في العصر الحديث والمعاصر، حافظت الموسيقى المصرية على مكانتها كجزء أصيل من الهوية الوطنية، ولقد جلعت تلك الجذور العميقة للموسيقى في وجدان المصريين أكثر من مجرد وسيلة للترفيه إنما قوة ناعمة تعكس ثراء ثقافتنا وتنوعها وتعتبر جسرا للتواصل الحضاري والإنساني مع مختلف شعوب العالم من ألوان الموسيقى الشعبية الأصيلة التي تحمل عبق الماضي إلى الإبداعات المعاصرة التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة، فتزخر مصر بمواهب موسيقية فريدة تستحق الدعم والرعاية والحماية.
ونوه بأن مصر تشهد نقلة نوعية في منظومة الملكية الفكرية، حيث تأتي احتفالية اليوم في ظل رؤية استراتيجية طموحة تتمثل في الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية والتي دشنتها مصر في سبتمبر 2022 لتكون بمثابة خارطة طريق شاملة لتطوير منظومة الملكية الفكرية في مصر وتحقيق أقصى استفادة من إمكاناتها الإبداعية والاقتصادية.
وأشار إلى أنه في أغسطس 2024 كانت الثمرة الأولى من ثمار الاستراتيجية بتأسيس الجهاز المصري للملكية الفكرية الذي يمثل حجر الزاوية في حماية حقوق المبدعين والمبتكرين وتعزيز ثقافة الابتكار في مصر، حيث يضطلع الجهاز بدور حيوي في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير أطر قانونية وتنظيمية فعالة لحماية حقوق الملكية الفكرية، كما يعمل الجهاز على نشر الوعي بأهمية هذه الحقوق وتقديم الدعم اللازم للمبدعين والمبتكرين لتسجيل وحماية مصنفاتهم.
وقال إن هذه الخطوة الجريئة والطموحة تؤكد إرادة قوية للدولة المصرية في إحداث تحول جذري وشامل في كيفية التعامل مع قضايا الملكية الفكرية من خلال توفير بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة وتنمية الكفاءات والقدرات الوطنية وتعزيز ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية في المجتمع.
وأوضح أن الجهاز يضطلع بدور محوري في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية من خلال تنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية وتوفير الدعم اللازم للمبدعين والمبتكرين وتعزيز الوعي بأهمية الملكية الفكرية في المجتمع.
وأضاف أنه إدراكا من الجهاز للأهمية الكبيرة لحماية حقوق الملكية الفكرية في مجال الموسيقى باعتبار الأخيرة تمثل جزءا أصيلا من الهوية الثقافية المصرية وكنزا يجب صونه وتنميته فإنه سيعمل جاهدا بالتعاون الوثيق مع كافة المؤسسات ذات الصلة وفي مقدمتها وزارة الثقافة على تنفيذ بنود هذه الاستراتيجية من خلال نشر الوعي بأهمية حقوق الملكية الفكرية في المجال الموسيقي، ومكافحة التعدي على هذه الحقوق بكل الوسائق القانونية المتاحة والسعي إلى توفير بيئة قانونية وتشريعية محفظة لصناعة الموسيقى في مصر.