بعد ضمه للمواقع الآمنة.. دير “أبومينا” شاهد جديد على نجاح الدولة فى حماية آثارها وهويتها التاريخية

بعد سنوات من الجهود الحثيثة والخطط المدروسة، حققت مصر نجاحا جديدا وسجلت إنجازا عالميا بإعادة ضم معبد “أبو مينا” الأثرى إلى قائمة مواقع التراث العالمى الآمنة، ليكون شاهدا على قدرتها على حماية تراثها وصون معالمها الأثرية، واسترداد مكانتها التاريخية والحضارية.
ويتمتع دير “أبو مينا” بأهمية تاريخية ودينية وقيمة أثرية كواحد من أبرز المواقع الأثرية المسيحية في مصر والعالم، ونتيجة لذلك أدرجته منظمة الأمم المتحدة والتربية والعلم والثقافة “يونيسكو” ضمن قائمة التراث العالمى، إلا أنه واجه تهديدات بيئية تمثلت في ارتفاع منسوب المياه الجوفية، ولذلك وضعته المنظمة منذ سنوات ضمن قائمة المواقع المهددة بالخطر.
وحول جهود الدولة لإعادة صيانة وترميم دير “أبو مينا” ورفعه من قائمة المواقع المهددة بالخطر، قال الخبير الأثرى وكبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار مجدي شاكر، فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، “إن الدولة كانت حريصة على إعادة صياغة الموقع واستئناف عمله، وبذلت جهودا كبيرة خلال عشرين عاما بالعمل في عدة مسارات وتخصيص مبالغ لصيانة الموقع وإقامة المشروعات اللازمة لتحقيق ذلك”.
وأضاف أن دير “أبو مينا” يعتبر من أهم المواقع الأثرية فى مصر من الناحية الدينية، فالمنطقة ترجع إلى القرن الرابع إلى السادس الميلادى، واستمدت أهميتها من سمعة القديس أبو مينا الذى كان من أهم القديسين فى تلك المرحلة بمنطقة غرب الإسكندرية.
وأوضح أن المنطقة المتواجد بها الدير هي المحطة الثانية في الحج المسيحي بعد القدس، وتضم قبر القديس مار مينا والكنيسة الكبيرة ومجموعة من الكنائس الأخرى ودور الضيافة والزائرين وصالة الأعمدة وموكب طريق الاحتفالات، وسميت المدينة بـ “الرخامية” نظرا للكم الكبير من الرخام المستخدم بها.
وبالإضافة إلى الجانب الديني.. أشار كبير الأثريين إلى أن المنطقة لها أهمية سياحية كبيرة أيضا، وهو ما جعل مصر تعمل منذ عام ١٩٥٦ على تسجيلها كمنطقة أثرية، وفي عام ١٩٧٩ ضمتها “يونيسكو” إلى القائمة كأحد أهم مناطق التراث العالمي الأثرية الستة الموجودة في مصر إضافة إلى وادي الحيتان في الفيوم الذي يعد تراثا طبيعيا.
وتابع “أن يونيسكو وضعت منطقة الدير على قائمة التراث المهدد بالخطر في عام ٢٠٠٢ نظرا لارتفاع منسوب المياه الجوفية وانخفاض المنطقة عن محيطها الذي ضم أراضي زراعية تستخدم الري بالغمر، وهو ما أدى إلى وصول المياه إلى منطقة الدير”، مشيرا إلى أن الدولة تعاملت مع الموقف بجدية لتخفيض منسوب المياه الجوفية إلى المنسوب الطبيعي، حتى تم الانتهاء من الأعمال قبل عامين وأصبح الموقع جاهزا لرفعه من القائمة، إلا أنه كان يجب التأكد من استمرارية صلاحية المكان، حتى أعلنت “يونسكو” منذ أيام رفعه من قائمة المواقع التراثية المهددة بالخطر.
وأشار إلى أهمية المكان الدينية والسياحية الكبيرة، والذي سيساهم في انتعاش السياحة الدينية مع مسار العائلة المقدسة ليس فقط لمصر ولكن في المنطقة بأكملها، خاصة وأن موقعه غرب الإسكندرية على البحر المتوسط سيجذب السياحة الدينية الأوروبية والإفريقية وجميع دول المنطقة، كما أن إعلان “يونسكو” يؤكد أن الموقع عاد لطبيعته وأصبح آمنا للزيارة.
وتم اعتماد قرار اليونسكو بشأن موقع دير “أبو مينا” بمدينة برج العرب بالإسكندرية، خلال الدورة الـ 47 للجنة التراث العالمي، والتي تعقد خلال الفترة من 6 إلى 16 يوليو 2025 بمقر المنظمة في باريس، والتي يمثل مصر فيها وفدها الدائم لدى اليونسكو ووفد من وزارة السياحة والآثار.
وقد اعتمدت لجنة التراث العالمي رسميا قرارا برفع ثلاثة مواقع في كل من مصر ومدغشقر وليبيا من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، وذلك بفضل جهود مكثفة بذلتها الدول الأعضاء إلى جانب دعم اليونسكو من أجل التخفيف إلى حد كبير من الخطر الذي يهدد هذه المواقع.
وأشار التقرير الصادر عن بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع لعام 2025، إلى ما تحقق من تقدم ملحوظ في أعمال الحفاظ والصون بالموقع، من أبرزها إنشاء نظام رصد ومراقبة فعال لاستقرار منسوب المياه الجوفية، والذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة.
وأشاد التقرير بالجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في تنفيذ التوصيات المطلوبة من قبل في هذا الإطار، مؤكدا أن حالة الصون المطلوبة لإزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر قد تحققت بالكامل.. وبالتالي، اعتمدت لجنة التراث العالمي قرار رفع موقع دير “أبو مينا” من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، مهنئة الدولة المصرية على هذا الإنجاز المهم الذي يعكس التزامها بحماية وصون تراثها الثقافي وفقا للمعايير الدولية.
المصدر: أ ش أ