من شبه المؤكد: أن التغيرات المناخية الناتجة عن الإحتباس الحراري يمكن أن تؤثر سلباً على المحاصيل الزراعية، لذلك ينشط العلماء لإستنباط سلالات نباتية تتلائم مع هذة التغيرات.
لكن إن كانت أكثر دول العالم تقدمًا (الولايات المتحدة) قلقة من أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تدهور ملحوظ في أحد محاصيلها الأساسية، فكيف تكون الحال في الدول الأقل تقدمًا، فضلا عن الدول الفقيرة؟
في الولايات المتحدة يطلق عليها “كورن بلت” أو “حزام الذرة”، وهي ولايات تقع في منطقة الوسط الغربي الأمريكي، ومنذ سنة 1995، شهدت هذة الولايات إزدهارًاواضحاً في إنتاج الذرة، لكن دراسة “لجامعة ستانفورد” تفيد بأن ذلك آخذ في التغيير إلى العكس بسبب التغيرات في المناخ.
ووفقًا للدراسة: فإن إنتاجية “حزام الذرة” يمكن أن تنخفض بما يتراوح بين 15و30 % في غضون السنوات الخمسين القادمة.
وتباعًا لأخر إحصاءات لوزارة الزراعة الأمريكية: فإن إنتاج الولايات المتحدة من الذرة في حدود 40% من إنتاج العالم هذا المحصول الرئيسي.
إلى أي حد سيتواصل الجفاف وتتزايد حرارة الجو؟
وإلى أي حد ستتمكن زراعات الذرة من التكيف مع هذة الظروف؟
وإلى أي حد ستوفق الجهود العلمية المبذولة لإستنباط سلالات متطورة، وتتلائم مع الظروف الجديدة؟
منذ بداية التعديل الوراثي للسلالات النباتية وحتى الآن، لا يمكن القول فيما يتعلق بالذرة أنه لم يحرز تقدمًا، فقد تحقق نتائج جيدة في أمور مثل تحسين قدرة الزراعات على مقاومة الأمراض والآفات، وتحسين كفائة الجذور في أداء وظائفها.
لكن وفقاًا لجامعة “ستانفورد” فإن حساسية هذة الزراعات لظروف إرتفاع حرارة الجو والجفاف في تزايد، وعلى تلك الحقيقة بنت دراسة الجامعة مخاوفها من الإنخفاض المتوقع في غلة الذرة.
الدراسة المذكورة ما هي إلا دراسة واحدة من دراسات كثيرة جداً وضعها الباحثون في علمي النبات العام والنبات الزراعي، تجمع كلها على أن التغيرات المناخية تعيد صياغة الحياة النباتية على وجة الأرض كله، بشقيها البري والزراعي.
سأل موقع “قناة النيل” الإخباري باحثًا مصريًا بارزًا في هذا المجال: أين نحن من هذا الخطر؟، وهل نجهز أنفسنا للتعامل معه؟
فقال: بل نحن في سباق مع الزمن لمواجهته، فقد لاحت في الأفق بوادر بالفعل.
وأضاف الدكتور محمود مدني، أستاذ علم المناخ الزراعي في مركز البحوث الزراعية في القاهرة، “إن إخطار التغيرات المناخية على محصول كالذرة أمر معقد جدًا، لا يقتصر على مجرد حساسية الزراعات لإرتفاع معدلات حرارة الجو, لكن التغيرات المناخية توجد أمورًا متشابكة, تتضمن مثلُا انتشار الآفات وكفاءة نظم الري، بل وإستعمال الأسمدة، ويقوم الباحثون بدراسة كل عامل، ثم بدراسة تفاعلاتها المتبادلة للخروج بصورة نهائية.
ويرى الدكتور مدني “أنة لا مناص من إستنباط سلالات جديدة قادرة على مواجهة الظروف الجديدة.
لكن هذا لا يتطلب فقط جهودًا علمية شاقة بل يتطلب أيضاً وقتاً طويلًا، ويرى كذلك أن الموقف يقتضي التركيز على الإستمرار في تطوير سلالات ذات إنتاجية عالية، فيتواكب النقص الناتج عن التغيرات المناخية مع الزيادة الناتجة عن إرتفاع الإنتاجية، فتحد الزيادة من أثر النقص.
مجدي غنيم: المحرر العلمي لقناة النيل للأخبار