حذر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي من المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة العربية والتي باتت تهدد سلامة الوضع العربي بشكل مباشر وتستدعي وقفة جادة ومخلصة وقرارات شجاعة للتعامل مع هذه المخاطر المحدقة, خاصة في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجهها الدول العربية بداية من التحديات الداخلية وأزمات الحكم والثورات الشعبية والتدخلات الأجنبية وتنامي التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة.
ودعا العربي – في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الـ 142 اليوم – الأحد – إلى تعاون عربي وثيق لمواجهة هذه التنظيمات المسلحة مواجهة شاملة عسكريا وسياسيا وفكريا وثقافيا واقتصاديا، منوها في هذا الإطار إلى ضرورة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك.
ولفت إلى التقرير الذي قدمه إلى الوزاري العربي، والذي يتضمن تقييما للعمل العربي المشترك بين دورتي المجلس، وأكد مجددا على أهمية تطوير منظومة العمل العربي المشترك وإصلاح الجامعة العربية للتعامل مع التحديات الكبرى التي تواجه المنطقة.
وقال العربي “إن المسؤولية تقتضي العمل على نقلة نوعية في دور الجامعة العربية” معترفا في الوقت ذاته أنها باتت عاجزة عن مواجهة أي تهديدات خاصة في ظل الوضع الكارثي في سوريا والعراق، وتدهور الوضع الأمني في ليبيا وتتلقى انتقادات عديدة، وأرجع ذلك إلى غياب الإرادة السياسية للدول الأعضاء في ظل تنامي الخلافات وعدم القدرة على إدارتها.
ونبه العربي إلى ضرورة احتواء الخلافات العربية، مضيفا أن الجامعة العربية يجب أن تكون ملاذا لاحتواء الخلافات بين دولها الأعضاء, وأن تفوق مساحة التوافق مساحة الخلاف والتباين حفاظا على المصالح العربية.
ومن جانبه, أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون للجمهورية الإسلامية الموريتانية أحمد ولد تكدي أن هذه الدورة تنعقد في ظل أوضاع عربية ودولية وإقليمية بالغة الخطورة والتعقيد, مشددا على ضرورة توحيد الصفوف ومضاعفة الجهود للتصدي لكافة التحديات في ظل تحمل كامل للمسؤولية.
وأضاف ولد تكدي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة، أن أعمال العنف والنزاعات المسلحة والتوترات الطائفية والمذهبية تهدد أمن واستقرار المنطقة.
وأشار إلى أن ظاهرة الإرهاب والعنف الممنهج وتنامي نشاط الجماعات المسلحة في المنطقة العربية يمثل تحديا حقيقيا يهدد الأمن والاستقرار ويشل عجلة التنمية, منبها إلى أنه لا يمكن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ما لم تكن خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، انتقد الوزير الموريتاني ما تعرض له قطاع غزة من عدوان إسرئيلي غاشم، فضلا عن مبالغتها وتعنتها إزاء المبادرات الإقليمية والدولية، والنداءات والاحتجاجات الشعبية، موضحا أن العدوان الإسرائيلي نتج عنه خسائر بشرية فادحة ترقي لجرائم الحرب، فضلا عن حدوث انتهاكات خطيرة لمباديء القانون الإنساني.
وأكد وقوف بلاده إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى ينال كافة حقوقه المشروعة في قيام دولته المستقلة على كامل أراضيها وعاصمتها القدس الشريف.
وفيما يخص الأوضاع في ليبيا، أعرب الوزير الموريتاني عن أمله في أن يتوصل الليبيين إلى تفاهم يفضي إلى استقرار الأوضاع ويضمن سلامة شعبها ووحدة أراضيها.
وعلى صعيد تطورات الأوضاع في العراق، رحب ولد تكدي بما توصل إليه العراقيون باختيارهم وبإرادتهم الحرة لرؤساء السلطات الثلاث مما سيعزز استقرار العراق، أما فيما يخص الوضع في سوريا، فشدد ولد تكدي على أن الحوار هو السبيل للحل السياسي للأزمة السورية.
وفيما يتعلق لما يحدث في اليمن، أعرب الوزير الموريتاني عن تأييد بلاده للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، معربا عن ثقته فى أن اليمن قادرة على تجاوز كل المعوقات واستكمال مهام المرحلة الانتقالية تنفيذا لمخرجات الحوار الوطني.
ورحب ولد تكدي بعملية الحوار الجارية في السودان بين مختلف القوى السياسية، مثمنا المساعي الرامية لإيجاد تسوية في دارفور والمناطق الأخرى، مؤكدا دعم بلاده للمساعي المشروعة لدولة الإمارات العربية المحتدة في استعادة حقوقها كاملة على جزرها الثلاث.
ومن جانبه، شدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالمملكة المغربية صلاح الدين مزوار، الذي ترأست بلاده الدورة السابقة للمجلس, على ضرورة تقوية الوحدة الوطنية الفلسطينية على أسس متينة صادقة ودائمة تؤدي إلى انخراط الجميع بكل عزم وتجرد في المشروع الجوهري المتمثل في رفع الحصار وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين الحرة والمستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف، لتعزيز دور ومكانة حكومة الوفاق الوطني من أجل بسط ولايتها وتقديم خدماتها داخل أراضي دولة فلسطين وإلى عموم أبناء الشعب الفلسطيني خاصة في غزة.
وقال مزوار ،إنه من واجبنا نحن كعرب ومسلمين أن ندعم صمود الشعب الفلسطيني ونقدم لهم ما يلزم من المساعدات ونواكب جهودهم في مختلف المحافل وفق أولويات القضية الفلسطينية وبأسلوب متطور يعتمد على الثوابت ويراعي احتياجاته، مشددا على أنه لا يجب أن تحجب الأزمات التي تعرفها بعض الدول العربية أو الفوضى الواقعة هنا وهناك واجب التضامن مع الأشقاء الفلسطينيين”.
واستنكر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي دام لمدة 51 يوما, وراح ضحيته أكثر من ألفي شهيد فضلا عن الآلاف من الجرحى، مؤكدا أن هذا العدوان دمر العديد من المنشآت والمرافق الحيوية في القطاع، وخلف وضعا إنسانيا مأساويا موجعا.
ونوه بأهمية القرارات التي اتخذها الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة الذي عقد 14 يوليو الماضي, حيث دعت إلى وضع الأراضي الفلسطينية تحت الحماية الدولية وصولا إلى إنهاء الاحتلال، وإعمال “اتفاقية جنيف” لتأكيد المسؤولية الجماعية التي تقرها الاتفاقية تجاه حماية الشعب الفلسطيني, إضافة إلى التحقيق في الانتهاكات الجسيمة والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني.
وأشاد مزوار بالجهود الدؤوبة لجمهورية مصر العربية في التوصل مع الوفد الفلسطيني الموحد إلى اتفاق لوقف إطلاق النار, معربا عن أمله فى أن يكون هذا الاتفاق دائما ونهائيا ويحمل ما يلزم من الضمانات لعدم تكرار أي عدوان إسرائيلي على الفلسطينيين، ويقود إلى إنهاء مسببات أزمة الشعب الفلسطيني ومعاناته المتمثلة أساسا في الاحتلال الإسرائيلي لأرضه والحصار المفروض عليه.
وأكد دعم المجلس الموصول واللامشروط للقيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، وللخطوات التي يعتزم القيام بها لمطالبة مجلس الأمن بإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني بسقف زمني محدد من خلال ترسيم حدود دولة فلسطين على أساس الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
واستعرض الوزير المغربي تطورات الأوضاع في اليمن, حيث تسعى بعض الجهات إلى تقويض مقررات مؤتمر الحوار الوطني، مشيرا إلى أن ليبيا تكمن بوادر الحل فيها عبر القبول بشرعية المجلس الجديد المنتخب, أو العراق حيث يستدعي واجب الحفاظ على السيادة والوحدة الترابية نبد الطائفية والتطرف واعتماد مبدأ المصير المشترك, أو سوريا التي يعاني أبناؤها الأمرين ولا ينتظرون إلا حل الانتقال السياسي.
وطالب بتدشين مرحلة جديدة في العلاقات العربية العربية وذلك عبر مراجعة الأولويات لا بالنسبة للجامعة ولا بالنسبة لكل بلد عربي على حده، معتبرا أن في مقدمة هذه الأولويات العمل من أجل استرجاع القدرة على التحكم في الوضع والتأثير على الأحداث في أفق توجيهها، والعمل على إعادة توجيه سياسة الجوار العربي نحو خدمة المصير المشترك للشعوب التي أضحت مهددة بالتفكك وتسخير القدرات المتاحة، خاصة منها الإعلام الجماهيري للعب دوره التاريخي في خدمة شعوب المنطقة ومواجهة ثقافة الفتنة والتطرف وترويج الجهل، والعمل على تمكين المرحلة الجديدة في العلاقات العربية العربية من أدوات مناسبة في مجالات الأمن والسياسة الخارجية، وتبادل المعلومات, والانتقال للسرعة القصوى في تطوير جامعة الدول العربية.
كما طالب بتعميق الجهود على الواجهة الفكرية والعلمية والثقافية ليس فقط من أجل إرشاد الناس لصحيح دينهم وتعرية التطرف الذي يتخفى وراء قراءات غائية، ولكن أيضا من أجل تغيير الصورة النمطية التي ألصقت بالإسلام جراء فظاعة الجرائم التي ارتكبت ولازالت ترتكب باسم الدفاع عنه، والمنافية كليا للقيم الإنسانية والأخلاقية الكونية، وكذلك من أجل ترسيخ قيم التسامح والوسطية والاعتدال وتعزيز قناوات الحوار والتسامح بين الحضارات والثقافات والأديان على أساس من التكافؤ والاحترام المتبادل والاعتراف بمشروعية الاختلاف.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )