رغم التقدم المذهل في الاتصالات الفضائية : مازال للاتصال بالكابلات بعيدة المدى دوره الكبير المتطور،وآية هذا مشروع “أركتيك فايبر” الذي سيكون أقوى كابل للاتصالات في التاريخ : والذي يعبر القطب الشمالي واصلا اليابان ببريطانيا، بطول 15600 كيلو متر.
ينطوي “أركتيك فايبر” على مجموعة متكاملة من التكنولوجيات المتقدمة : فهو أولا يعتمد على الألياف البصرية لنقل البيانات بكثافة هائلة لتلك المسافة الشاسعة، وهو ثانيا يرتكز في إقامته وتشغيله وصيانته على طرق عالية التطور: منها استعمال غواصات آلية لاتحمل بشرا.
في طريقه صوب هدفه النهائي : سيقدم الكابل خدمات اتصالية مهمة لسكان يقطنون المناطق الشمالية، فهو مثلا سيتيح الإنترنت لكثير من المحرومين منه حاليا يقيمون في مناطق شمالية من كندا وولاية “ألسكا” الأمريكية التي تقبع بين الجليد في أقصى شمالي العالم.
المسار العام الذي يتخذه الكابل يبدأ من لندن ويعبر “المحيط الأطلسي” متخذا اتجاه الشمال الغربي، ثم يعبر القارة الأمريكية الشمالية عند أطرافها الشمالية، ثم يميل ميلا حادا وهو يعبر “المحيط الهادي” ليصل في النهاية طوكيو.. تقطع المعلومة محيطين وقارة في 154 ملليثانية!
تفيد وكالة التنمية الاقتصادية “إيند ستري كندا” بأن الاتصالات الفضائية المعتمدة على الأقمار الصناعية أخفقت إلى حد كبير في تقديم خدمة اتصالية جيدة في أنحاء قاصية من كندا : بينما سينجح في تقديم الخدمة الكابل “أركيتك فايبر”، بما يؤكد أن الاتصال بالكابلات سيظل له دوره الفعال في ربط أرجاء العالم المتباعدة، وأن تقدمها يتواكب مع الاتصالات الفضائية ويتكامل معها.
ويؤخذ من هيئة الاتصالات البريطانية “بريتيش تليكوم” في هذا الشأن : إن من أهم الفوائد العلمية للمشروع أعمال المسح البحري الجاري على طول المسار الهائل للكابل في المحيطين “الأطلسي” و “الهادي”، مما سيوفر معلومات جديدة مهمة عنهما.
وتؤكد دراسة أجرتها “جامعة ألكسا” الأمريكية أن المشروع يفيد كثيرا في تعرف العلماء على التغيرات البيئية والمناخية الجارية في القطب الشمالي، والتي تنعكس آثارها على العالم كله :إذ سيربط محطة الأبحاث الكندية القائمة في أقصى المنطقة الشمالية بالجامعة، وهذه المحطة تعد أبعد محطة علمية في شمالي العالم، وسيجعل الكابل الجديد البيانات التي تجمعها المحطة تتدفق باستمرار على “جامعة ألسكا” لتحليلها .. ومتابعة الموقف البيئي هناك.
تبلغ تكلفة “أركتيك فايبر” 850 مليون دولار، ومن المقرر أن يدخل الخدمة الفعلية في نهاية السنة القادمة 2016، مفتتحا عصرا جديدا للاتصالات عبر الألياف البصرية.
مجدي غنيم: المحرر العلمي لقناة النيل