اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، روسيا بتدمير محادثات السلام واستبعد التنازل عن أي أراض، وذلك في خطاب إلى الأمة في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء.
وقال زيلينسكي إن أوكرانيا ملتزمة بالسلام والدبلوماسية بعدما اعترفت روسيا رسميا باستقلال منطقتين انفصاليتين مساء الاثنين.
وأضاف أنه ينتظر خطوات “واضحة وفعالة” من الحلفاء للتحرك ضد روسيا، ودعا إلى قمة طارئة لزعماء أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر قوات في منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا بعد اعترافه باستقلالهما الاثنين، مما فاقم من حدة أزمة يخشى الغرب من تطورها إلى حرب كبرى.
ورأى شاهد طوابير طويلة من المعدات العسكرية، تشمل دبابات، في مدينة دونيتسك الانفصالية بعدما أمر بوتين وزارة الدفاع بإرسال قوات إلى المنطقتين “لحفظ السلام” في مرسوم أصدره بعد قليل من إعلانه الاعتراف باستقلال المنطقتين.
وأثارت الخطوات الروسية تنديدا من الولايات المتحدة وأوروبا اللتين توعدتا بفرض عقوبات جديدة.
ولم يتضح حجم القوات التي سترسلها موسكو، لكن المرسوم قال إن روسيا لها الحق في بناء قواعد عسكرية في المنطقتين، وإن مهمة القوات ستكون عملية لحفظ السلام.
وفي خطاب تلفزيوني مطول، وصف بوتين، الذي بدا عليه الغضب بوضوح، أوكرانيا بأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا، وقال إن شرق أوكرانيا كان أرضا روسية قديمة، وإنه واثق من أن الشعب الروسي سوف يدعم قراره.
وبث التلفزيون الرسمي لقطات لبوتين وهو يوقع مرسوما يعترف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين إلى جانب اتفاقيات تعاون وصداقة فيما جلس مقابله زعيما المنطقتين المدعومتين من روسيا، جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوجانسك الشعبية.
وقال الكرملين، في تحد لتحذيرات الغرب من عواقب مثل هذه الخطوة، إن بوتين أعلن قراره في مكالمتين هاتفيتين مع زعيمي ألمانيا وفرنسا اللذين عبرا عن خيبة أملهما.
وقد ينسف تحرك موسكو جهودا في اللحظات الأخيرة لعقد قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بهدف منع روسيا من غزو أوكرانيا.
وواصل الروبل خسائره في الوقت الذي تحدث فيه بوتين عن المسألة، حيث تراجع في مرحلة ما إلى ما دون 80 مقابل الدولار.
ورد بايدن بإصدار أمر تنفيذي يحظر التجارة والاستثمار بين الأمريكيين والمنطقتين الانفصاليتين، واستيراد أي سلع أو خدمات أو تكنولوجيا من هناك.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان، إن التدابير التي يتم إعدادها ردا على مرسوم بوتين منفصلة عن العقوبات التي تجهزها الولايات المتحدة وحلفاؤها في حالة غزو روسيا لأوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الأمر التنفيذي “يهدف إلى منع روسيا من التربح من هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي”.
وقال دبلوماسي روسي إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يجتمع علنا بخصوص أوكرانيا الساعة التاسعة مساء الاثنين بتوقيت شرق الولايات المتحدة (0200 بتوقيت جرينتش اليوم الثلاثاء)، بعد طلب من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، إن دول الاتحاد الأوروبي اتفقت على فرض مجموعة محدودة من العقوبات “تستهدف المسؤولين” عن اعتراف روسيا بالمنطقتين الانفصاليتين، وقالت وزيرة خارجية بريطانيا ليز تراس إن حكومتها ستعلن عقوبات جديدة اليوم الثلاثاء.
واتهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج روسيا بمواصلة تأجيج الصراع في شرق أوكرانيا “ومحاولة اختلاق ذريعة” لغزو آخر. وكانت روسيا قد ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014.
ولم يعبأ بوتين بالتحذيرات الغربية من أن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية وستقضي على مفاوضات السلام، وستؤدي إلى فرض عقوبات على موسكو.
وقال بوتين “أرى أنه من الضروري اتخاذ قرار كان ينبغي اتخاذه منذ فترة طويلة، وهو الاعتراف الفوري باستقلال وسيادة جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوجانسك الشعبية”.
وعمل بوتين لسنوات على استعادة نفوذ روسيا على الدول التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، مع احتلال أوكرانيا مكانة مهمة في طموحاته.
وتنفي روسيا وجود أي خطة لديها لمهاجمة جارتها، لكنها هددت باتخاذ إجراء “عسكري فني” لم تحدده ما لم تحصل على ضمانات أمنية شاملة، بما يشمل التعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي على الإطلاق.
لكن الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوجانسك اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون مهد الطريق لبوتين لإرسال قوات إلى المنطقتين والتذرع بأنه يتدخل كحليف لحمايتهما من أوكرانيا.
وجدد بايدن التأكيد على دعم الولايات المتحدة لسيادة أوكرانيا في اتصال هاتفي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما تحدث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس.
وقبل ذلك بساعات أعطى ماكرون الأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي قائلا إن بوتين وبايدن اتفقا من حيث المبدأ على اللقاء.
لكن الكرملين قال إنه لا توجد خطط محددة لعقد قمة. وقال البيت الأبيض إن بايدن قبل الاجتماع “من حيث المبدأ” لكن “إذا لم يحدث الغزو”.
وتقول واشنطن إن روسيا حشدت قوات يتراوح قوامها بين 169 ألفا و190 ألف جندي في المنطقة، وقد تغزو أوكرانيا في غضون أيام. ونفت روسيا مرارا وجود تلك الخطط.
المصدر: وكالات
