صلاة التهجد سنة عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتطلق على قيام الليل بعد النوم وهي نافلة عظيمة الثواب وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز التطوع جماعة وفرادى لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعل الأمرين كليهما، والأفضل في أداء النوافل أن تؤدى في المنزل، فعَنْ سيدنا زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (رضي الله عنه) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ”.
يقول الإمام النووي: إنما حث على النافلة في البيت لكونها أخفى وأبعد من الرياء وأصون من محبطات الأعمال وليتبرك البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة والملائكة وينفر منه الشيطان.
وعَنِ سيدنا عبد الله بْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أنه قَالَ: “اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا “.
وقد جاء في المنتقي شرح الموطأ أن إتيان المسلم بالنافلة في بيته أفضل من أن يأتي بها في مسجده، وهذا حكم النوافل كلها التستر بها أفضل. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : ” وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا “، أي: ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة.
وذكر الشافعي ومالك أن صلاة التهجد في البيت أفضل إذا كان الغرض منها حث أهل البيت على الالتزام بأدائها لما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ حُجْرَةً حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ (عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صُنْعِكُمْ فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلا الْمَكْتُوبَةَ) .
وعن سيدنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) “أنه سئل عن (التعقيب) ومعناه: الرجوع للمسجد مرة أخرى والصلاة جماعة مرة أخرى
(التهجد) في رمضان فأمرهم أن يصلوا في البيوت.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن البصري رحمه الله: أنه كره التَّعْقِيْب في شهر رمضان وقال: لا تملوا الناس.
وذكر المروزي في قيام الليل عن عمران بن حدير قال: “أرسلت إلى الحسن رحمه الله فسألته عن صلاة العشاء في رمضان أنصلي، ثم نرجع إلى بيوتنا فننام ثم نعود بعد ذلك؟ فأبى، ثم قال: لا، صلاة العشاء ثم القيام”.
وعلى ذلك فصلاة الرجل في بيته النوافل هي إحياء لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم).
وشهر رمضان مليء بالعبادات والطاعات من الصدقات والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم فأبواب الخير واسعة.
كما اوضح ايضا القطاع انه بناء على الرأي الطبي المنضبط ومشاورة وزارة الصحة ، وبناء على قرارات اللجنة العليا لإدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية بمجلس الوزراء : فإننا نؤكد أن ظروف وإجراءات التباعد لا تمكن في الظروف الراهنة من السماح بالاعتكاف هذا العام حفاظا على الأرواح ، والرأي الشرعي مبني في ذلك على الرأي الطبي ، فهم أهل الاختصاص في قرار تطبيق إجراءات التباعد ، ولا زالت التعليمات الطبية تدعو إلى توخي الحذر وارتداء الكمامة ولا شك أن الاختلاط الذي يحدث في الاعتكاف يصعب معه تطبيق إجراءات التباعد مما يجعل الحفاظ على النفس الذي هو من صميم مقاصد الشرع ومن الكليات الست مقدما على أداء بعض النوافل علما بأن أمام الجميع سعة في صلاة التهجد في بيته وفي الصدقات والذكر وقراءة القرآن وسائر أبواب العمل الصالح فأبواب الخير واسعة ومشرعة.
ذلك مع تأكيدنا على أن الاعتكاف سنة ثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وما حال دوننا ودون تطبيقه هذا العام إلا الصالح العام المبني على أسس شرعية وفقهية ، من خلال فقه الموازنات ، والرأي العلمي والطبي .
سائلين الله (عز وجل) أن يعجل برفع البلاء عن البلاد والعباد عن مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين ، وألا يحرمنا ذلك في الأعوام القادمة بإذن الله تعالى.
المصدر: رئاسة مجلس الوزراء