يشهد الشارع المغربي حالة من الجدل في المشهد السياسي قبل أيام من الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر الجاري، والتي ستفتح الطريق لقيادة الحكومة.
وبدأت الحملة الانتخابية في 24 سبتمبر بترشيح أكثر من 1400 قائمة، ويخوضها 27 حزبا سياسيا، تختلف برامجها وشعارتها للظفر بأغلبية مقاعد البرلمان وتوجيه سياسة الحكومة.
بعض التنظيمات أعلنت مقاطعتها للانتخابات، مثل جماعة العدل والإحسان “الإسلامية”، وحزب النهج الديمقراطي “اليساري”، وحركة 20 فبراير، التي ظهرت في مرحلة الربيع العربي، والحزب المغربي الليبرالي.
“العدل والإحسان”، جماعة إسلامية مغربية، وهي من أكبر التنظيمات الإسلامية بالمغرب، أسسها عبدالسلام ياسين، وكان مرشدها العام حتى وفاته سنة 2012، وخلفه محمد عبادي في 24 ديسمبر 2012 بلقب الأمين العام، حيث تقرر الاحتفاظ بلقب المرشد العام لمؤسس الجماعة عبدالسلام ياسين، وتختلف عن الحركات السلفية ببعدها الصوفي، وتتميز عن الطرق الصوفية بنهجها السياسي المعارض.
اتخذت منذ نشأتها أسماء متعددة من “أسرة الجماعة” إلى “جمعية الجماعة” فـ”الجماعة الخيرية”، لتعرف ابتداء من سنة 1987 باسم العدل والإحسان، وهو شعارها الذي أخذته من الآية القرآنية (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.
نشر الموقع الإلكتروني الرسمي لجماعة العدل والإحسان، أن الانتخابات “لا تختلف عن سابقاتها، ليس فقط فيما يتعلق بإطارها القانوني والتنظيمي، ولكن أيضا فيما يتعلق بوظيفتها المتمثلة في تزيين صورة الاستبداد وإطالة عمره”.
وأكدت الجماعة مقاطعة الانتخابات ودعوة الآخرين إلى مقاطعتها لاعتبارات دستورية وسياسية وقانونية، وما أسمته بـ “اختلالات سياسية واجتماعية تنزع عن الانتخابات طابعها التنافسي”، مشيرة إلى أن “عبثية العملية الانتخابية تتمثل في أنها تجري على أساس دستور ممنوح يفتقد للشرعية، ويكرس الاستبداد نصا وممارسة، وبالتالي لا يفضي إلا إلى انتخابات شكلية”.
حزب النهج الديمقراطي.
حزب سياسي مغربي، تأسس سنة 1995 من طرف مجموعة من الناشطين من المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية، تكمن أهدافه في بناء الاشتراكية كنظام يقضي على الرأسمالية واستغلال الإنسان للإنسان، والنضال ضد تبعية المغرب للإمبريالية الأمريكية. يتبنى النهج الديمقراطي الماركسية.
أعلن “النهج الديمقراطي” اليساري- الذي لم يسبق له أن شارك في انتخابات سابقة- مقاطعته للانتخابات، معتبرا أنها استمرارًا للمسار الانتخابي نفسه الذي عرفه المغرب منذ الاستقلال الشكلي، بدءا بتكريس سياسة التحكم وصناعة الأحزاب، وتغيير لأدوارها حسب كل مرحلة، معتبرا أن الدستور المغربي يكرس نظام الاستبداد والحكم الفردي المطلق، ويضرب مبادئ السيادة الشعبية وفصل السلطات”.
حركة 20 فبراير.
تضم نشطاء يطالبون بإصلاحات في المغرب، وقد انضمت لها قوى سياسية وحقوقية، وتقول الحركة، إن أعضاءها هم من المغاربة الذين يؤمنون بالتغيير، وهدفهم العيش بكرامة في مغرب حر وديمقراطي، وتؤكد استقلاليتها عن كل التنظيمات والأحزاب السياسية.
وحازت الحركة على دعم 20 هيئة حقوقية مغربية، وتطالب بتشكيل ملكية برلمانية، ووضع دستور جديد يتكئ على أسس ديمقراطية، ترى الحركة عدم جدوى المشاركة في الانتخابات التشريعية لكونها ستجري على أساس دستور مرفوض شعبيا، واعتبرت أن الانتخابات ما هي إلا عملية لإعادة إنتاج النخب السياسية المرفوضة شعبيا، خاصة وأن المستفيد الوحيد من هذه الانتخابات هم رموز الفساد.
الحزب المغربي الليبرالي.
حزب ذو توجه ليبرالي، يعتبر الفرد الرأسمال الأول للمجتمع، وكل استثمار بدونه لا يمكن تحققه، تأسس في مارس 2002 على يد الوزير الأسبق محمد زيان، ويعتمد الحزب خطابًا جديدًا لا يتناسب وخطاب الأحزاب التقليدية التي تعتمد على المعارضة لمجرد المعارضة دون طرح بديل.
عزا الحزب أسباب مقاطعة الانتخابات إلى الدعم الهزيل المخصص للأحزاب الصغرى لدعم حملاتها، مقابل دعم كبير لباقي الأحزاب”.
وبعد خمس سنوات على فوز حزب العدالة والتنمية “الإسلامي” بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، لأول مرة في تاريخ المغرب، يعود هذا الحزب من جديد إلى بؤرة التقييم، وستكون الانتخابات مقياسا لنجاحه أوفشله.
وإلى جانب العدالة والتنمية، يبرز حزبان قويان في الساحة الانتخابية، وهما حزب الأصالة والمعاصرة “معارضة يمنية”، وحزب الاستقلال “معارضة محافظة”.
ويتنافس في الانتخابات التشريعية عدد كبير من الأحزاب السياسية، أبرزها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب التقدم والاشتراكية، تحالف أحزاب فدرالية اليسار الديموقراطي، حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الحركة الشعبية.
لكن أغلب المحللين يتوقعون أن يكون التنافس على الصدارة منحصرا بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة.
العدالة والتنمية.
حزب سياسي ديمقراطي محافظ مغربي ذو توجهات إسلامية، حاصل على أكثر من ربع المقاعد في الانتخابات البرلمانية المغربية 2011، يعرِف حزب العدالة والتنمية المغربي نفسه بأنه حزب سياسي وطني، يسعى انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث وديمقراطي، ومزدهر ومتكافل، مغرب معتز بأصالته التاريخية، ومسهم إيجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية.
ويبدو أن العلاقة بين الملك وبين رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران ليست على مايرام، وسيكون لها تأثيراتها السلبية على شعبية الحزب الذي استطاع تشكيل الحكومة بعد فوزه بالانتخابات الماضية، حيث سبق الانتخابات حالة من الاحتكاك بين القصر والحكومة ظهرت في تصريحات بعض الشخصيات المحسوبة على حزب العدالة والتنمية، كان آخرها تصريحات عبدالإله بن كيران نفسه التي قال فيها “هناك حكومتين داخل الدولة” في إشارة إلى قوى أخرى تستطيع اتخاذ القرارات، وهو ما أغضب الملك محمد السادس –حسب تقارير إعلامية”.
متابعون رأوا أن مستقبل العدالة والتنمية بدأ في الانحسار معتمدين على معادلة التوازنات الإقليمية التي تغيرت عن 2011، بالإضافة إلى أن الحالة المزاجية في المنطقة العربية تغيرت من 2011 حتى الآن، ولم يعد تيار الإسلام السياسيى مقبولا لدى الجماهير بعد إخفاقه في كثير من البلدان وارتباطه بشكل أو بآخر بالحركات الجهادية.
الأصالة والمعاصرة.
شكل فؤاد عالي الهمة، الذي سبق أن شغل منصب الوزير المنتدب في وزارة الداخلية، في بداية الأمر حركة “كل الديمقراطيين” التي لم تلبث أن تحولت إلى حزب الأصالة والمعاصرة.
تم الإعلان عن تأسيس التشكيلة الجديدة عبر بيان أصدره الحزب، حصل حزب الأصالة والمعاصرة على 45 نائبا في مجلس النواب، وكان يشكل رفقة حزب التجمع الوطني للأحرار أكبر فريق في مجلس النواب بـ80 عضوا من أصل 325. بسحب دعمه للأغلبية الحكومية الحالية قبل ساعات من انطلاق الحملة الانتخابات الجماعية المغربية 2009، التي حقق فيها انتصارا كبيراً.
يحظى حزب الأصالة والمعاصرة بشعبية كبيرة في الشارع المغربي ويراها المتابعون الأقرب لخلافة العدالة والتنمية في البرلمان وتشكيل الحكومة القادمة، خصوصا بعد تأييده من جانب نقابات مهنية لها تأثيرها في الشارع المغربي، بالإضافة إلى السلبيات الكثيرة التي ارتكبها حزب بن كيران في الفترة الأخيرة، حيث يواجه انتقادات بـ”التجارة السياسية” في مواقفه لاسيما فيما يرتبط بالقصر.
المصدر : وكالات