رفع أبو الأنبياء صوته بأعظم نداء ، فوصل إلى سائر الخلق في الأرض والسماء ، حتى في أصلاب الرجال وأرحام النساء .
خشي الخليل إبراهيم – عليه السلام – أن يضيع نداؤه بالحج في مجاهل الصحراء ، فطمأنه ربه بأن البلاغ من شأنه عز وجل ، (ويفعل الله مايشاء) .
والعمرة هي الحج الأصغر ، وردت في الذكر الحكيم ، وسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أجرها كبير ، وفضلها عظيم ، تمحو الذنوب ، وتفرج الكروب ، وتشفي الصدور والقلوب .
والعمرة في اللغة تعني الزيارة وفي الشريعة تعني بالتحديد زيارة بيت الله الحرام بمكة المكرمة وإقامة شعائرها كما فعلها خير الأنام عليه الصلاة والسلام .
ورد في الجامع الصحيح للإمام البخارى (صحيح البخارى) عن وجوب العمرة وفضلها (باب العمرة – الجزء الثالث) أن ابن عمر – رضي الله عنهما قال: “ليس أحد إلا عليه حجة وعمرة” .
وقال ابن عباس – رضي الله عنهما – عن العمرة: “إنها لقرينتها في كتاب الله (وأتموا الحج والعمرة لله)”
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “العمرة إلى العمرة كفارة مابينهما والحج المبرر ليس له جزاء إلا الجنة” .
وعن فضل عمرة رمضان قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لامرأة من الأنصار لم تتمكن من الحج : “إذا كان رمضان اعتمري فيه ، فإن عمرة في رمضان حجة” .
وعن عبدالله بن أبي أوفى قال: “اعتمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واعتمرنا معه ، فلما دخل مكة طاف وطفنا معه وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه”
وعن أداء العمرة قبل الحج قال عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – : “اعتمر النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل أن يحج” .
وعن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن يهل بالحج فليهل ، ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل بعمرة ، فلولا أنني أهديت لأهللت بعمرة” .
وأجر العمرة على قدر الإخلاص والتعب في أدائها .
وإحرام العمرة كإحرام الحج ، وسعيها كسعيه ، لكن لاوقوف بها بعرفة .
اعتمر – النبي صلى الله عليه وسلم – أربع مرات منها ثلاث مرات في ذي القعدة ، والرابعة في ذي الحجة مع حجة الوداع ( 10هـ ) وقد فرض الحج في أغلب الآراء في السنة التاسعة للهجرة .
كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا عاد من غزو أو حج أو عمرة ، كبر ثلاث تكبيرات ، ثم قال: “لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيئ قدير . آيبون ، تائبون ، عابدون ، ساجدون ، لربنا حامدون”
صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده .
المصدر : كتاب ( شهر رمضان في الجاهلية والإسلام ) للدكتور أحمد المنزلاوي