“الكرونوبيولوجيا” ليس بالعلم الجديد : لكن هناك تطورات فيه تجعلنا نتأكد من أنه يهتم بموضوع يقوم بدور أكبر مما كان معتقداً من قبل ، فالكرونوبيولوجيا فرع من العلوم البيولوجية يدرس العلاقة بين الظواهر لدى الكائنات الحية جميعاً – بما فيها الإنسان – والتوقيتات الزمنية على مدار الساعة والشهر والسنة – وربما توقيتات أخرى – وهو حتماً يربط هذا بالأوضاع الفلكية المختلفة ، إنه علم يسعى إلى تفسير أمور معروفة للناس منذ أقدم العصور وإيجاد إجابات على تساؤلاتهم بشأنها : فمثلاً لماذا يصيح الديك قرب الفجر ؟ ولماذا تنفط الحيوانات الليلية ليلاً ؟ ولماذا تهاجر حيوانات معينة هجرات موسمية ؟ وغير ذلك كثير جداً .
في “جامعة بازل” السويسرية مركز علمي فريد من نوعه في العالم : هو “مركز الكرونوبيولوجيا” ، الذي أعلن باحثوه أنه ثبت لديهم بالأدلة العلمية القاطعة الأثر الكبير لوضاع القمر على الإنسان .
التعبير الشائع في أوروبا مثلاً “لوناتيك” له مقابل في لغات أخرى عديدة : وهو يعني بوجه عام “الاضطرابات المتعلقة بالقمر” وهي اضطرابات ترتبط غالباً بالنوم ، خصوصاً الأرق حين اكتمال القمر بدراً .
باحثو “بازل” تمكنوا لأول مرة من جمع بيانات علمية دقيقة تربط أنماط النوم وبأوضاع القمر : وخلصوا من تحليلها إلى وجود علاقة ثابتة .
لقد تمت متابعة أنماط النوم بأوضاع القمر في دورته حول الأرض لدى 33 متطوعاً طوال سنوات : وربط الأطور القمرية من المحاق إلى البدر بما يحدث أثناء النوم باستعمال أجهزة متطورة لرسم المخ ورصد نشاطه الكهربائي : فاتضحت بجلاء العلاقة .
من الأمور المهمة الأخرى التي أعلنها “مركز الكرونوبيولوجيا” : اكتشاف ارتباط قوي بين مستويات “الميلاتونين” في الجسم وأوضاع القمر ، والمعروف أن “الميلاتونين” هرمون قوي الصلة بآلية النوم ، ولدى المتطوعات اللاتي شاركن في البحوث : كانت العلاقة ثابتة بين ذلك كله وعامل آخر يقتصر على النساء هو دورة الحيض لديهن .
ماعلاقة الكرونوبيولوجيا بعمل مايعرف “بالساعة البيولوجية” التي تضبط إيقاعات الجسم ؟ من الوهلة الأولى – خصوصاً بعد هذه البحوث السويسرية – فمن المتوقع أن هناك علاقة : ويحتاج تحديدها تواصل البحوث في هذا الشأن .
تؤكد مجلة “كارانت بيولوجي” العالمية المتخصصة في علوم الحياة أن ماأعلنته “جامعة بازل” يقر مبدأ ارتباط أحوال الكائنات الحية بحركة جرم سماوي – هو القمر – فما المانع من وجود ارتباطات أخرى بحركات أجرام سماوية أخرى ؟ مبدئياً : لامانع .
المصدر : مجدي غنيم المحرر العلمي لقناة النيل