أن يعم الظلام فتنتشر الفوضى، أن تتوقف المصاعد وتتعطل الأجهزة، أن تحدث أمور كثيرة أخرى، قد تكون كارثية، هذا كله يحدث لو انقطع التيار الكهربائي على نطاقات واسعة، وهو ماتؤكد مجلة “ساينتفيك أمريكان” العلمية أن العلماء والمهندسين مصممون على الحيلولة دون حدوثه، لكن يبدو أن تحقيق ذلك لن يكون ممكنًا قريبًا، وأن قطعوا شوطًا لابأس به صوب إنجازه .
أعادت المجلة العالمية إلى الأذهان ماحدث يوم 14 أغسطس 2003 : حين حدث أكبر انقطاع للكهرباء في تاريخ أمريكا الشمالية كله، ففي ذلك اليوم انقطع التيار خلال 8 دقائق عن 50 مليون شخص، يقطنون 8 ولايات أمريكية ومنطقتين من كندا .
وفي السنة نفسها وخلال شهرين فقط : حدثت انقطاعات واسعة النطاق في بريطانيا والدنمرك والسويد وإيطاليا، وفي الأخيرة انقطع التيار عن 57 مليون شخص بسبب مشاكل في نقل الكهرباء من فرنسا إلى سويسرا ومنها إلى إيطاليا، ويلاحظ بجلاء أن هذه الانقطاعات حدثت في دول هي القمة في التقدم التكنولوجي .. فما بال “الدول النامية”؟!
إن المشتغلين في مراكز التحكم في شبكات الكهرباء ( الصورة المرافقة ) يكونون في مواقف لايجسدون عليها حين يكون عليها حين يكون عليهم مواجهة تداعيات سريعة جدًا لاتستطيع الإمكانات البشرية التعامل معها : فتكون الانقطاعات، إذن فما العمل ؟ لايوجد سوى اختصار الدور البشري في تلك المراكز إلى أقصى حد : بأن تحل “الشبكات الذكية” محل شبكات الكهرباء المعتادة، ذلك أن النظم الكومبيوترية وأساليب التحكم الآلي التي تتولى كل شيء في الشبكات الجديدة ستكون قادرة على التعامل مع التداعيات الطارئة بالسرعة والكفاءة اللازمتين، وغير الحيلولة دون انقطاع التيار : فهناك مزايا أخرى عديدة لهذه الشبكات .
لقد أنجز “معهد بحوث القوى الكهربائية” أول شبكة ذكية تجريبية، وهو يقدر أنه لتحول نظام النقل والتوزيع الكهربائيين ليصبح “ذكيًا” في الولايات المتحدة كلها : يلزم إنفاق 13 بليون دولار سنويًا لمدة 10 أعوام، علمًا بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الانقطاعات فيها قد تتراوح سنويًا بين 70 و120 بليون دولار .
إن “الشبكة الذكية” قادرة على إصلاح نفسها بنفسها، وهي أيضًا قادرة على الاستشعار المبكر بالمشكلات .. بل على توقعها .
المصدر : مجدي غنيم المحرر العلمي لقناة النيل