“حاملات الطائرات” بوجه عام وبحكم طبيعتها هى جماع تكنولوجيات متقدمة كثيرة تلتقى على صفحة البحر: لتمثل قوة إستراتيجية ومظهر مهم من مظاهر هيبة الدولة التى تمتلكها، وهى طالما أكدت فاعليتها، وتحرص الدول الكبرى على أن تمتلك ولو وحدة منها، ودائماً إرتبطت تلك السفن الحربية ذات الأهمية الخاصة “بالولايات المتحدة” التى هى من دون منازع صاحبة أكبر قوة منها، وإن كان من المستبعد جداً أن تضارعها روسيا فى هذا المجال: إلا أن الروس مصرون الأن على خوص معترك تطوير حاملات الطائرات على اسس تكنولوجية بالغة التطور، وقد يكون لافتا للنظر فعلاً أن تصف مجلة “رشا نيوز” الروسية سفينة – سفينة واحدة = بأنها من شأنها أن تصبح أحد أهم عناصر ضمان الأمن القومى للبلاد فى البحار”.
المتتبع لتطور التكنولوجيا البحرية العسكرية الروسية – سواء على ايام “الاتحاد السوفيتى” السابق او بعد انهياره – يجد أنها تستعمل فى تصنيف سفنها الحربية الاستراتيجية إسم “الطرد” أو “الطراد الثقيلة”، ومع أنه فى أحيان كثيرة مزود بقوة جوية على ظهره: إلا انها لا يصنف – غالباً – على أنه “حاملة طائرات”، ومع أن السفينة الثورية الجديدة، ووفقاً لمعلومات “رشا نيوز”، تحمل على متنها 80 طائرة: فإن المصادر الروسية تتحدث عنها أحياناً على أنها “طرد حامل للطائرات” ثم تصفه بأنه “مستقبلى” وتعتبره “سابق لعصره بعشرات السنين”، وتؤكد أنه ليس “حاملة طائرات” بالمفهوم الأمريكى .. ولا حتى بأى مفهوم معروف!
إذن بغض النظر عن تصنيفها: ماكنة هذه “السفينة الحربية” المفريدة ؟
إنها “قاعدة عسكرية” إستراتيجية: ترتكز على أحدث من أنتخبة العقول العلمية فى روسيا، وهى تعتمد على تكنولوجيات بالغة التقدم والتعقيد فى إيجاد “مركز قيادة” إستراتيجى ، يخرجها عن كونها مجرد ” سفينة حربية” أيا كانت درجة تسليمها، وهى وإن حملت عشرات الطائرات: فهى أيضاً تخرج عن مفهوم “حاملات الطائرات” كما تكرس خلال “الحرب العالمية الثانية” وما بعدها وحتى الأن.
من الناحية العلمية، ومن واقع ماتوفر من معلومات: فإن السفينة الجديدة قد تدخل فى عداد مابات يعرف – منذ أكثر من 30 عاماً – بأنه “الحرب الفضائية”، والتى تقوم فيها تكنولوجيا الفضاء – خصوصاً الأقمار الصناعية – بدور فعال فى العمليات العسكرية.
فالسفينة الجديدة لاتكتفى بأنها على أتصال وتنسيق دائم مع القوات البحرية والبرية والجوية وحتى بقوات خفر السواحل النتشرة قرب السواحل الروسية هائلة الامتداد بل هى أيضاً على اتصال وتنسيق مع منظومة روسيا الفضائية.
تبعاً لمعلومات “لجنة التصنيع العسكرى” الحكومية فى موسكو: فإن ستوكل للسفينة أيضاً مهام لجمع المعلومات والاستطلاع على صعيد العالم كله، وتقديم معلومتها إلى جهات تتراوح بين الغواصات فى أعماق البحار والمحيطات.. وقاذفات القنابل الاستراتيجية وهى تحلق على ارتفاعات شاهقة فى الجو.
كذلك فإن السفينة العجيبة ستكون “قاعدة صاروخية” بما تحمله من صواريخ هجومية يحرك ذلك كله نظام للطاقة النووية، التى برع الروس منذ عشرات السنين فى استعمالها لدارة السفن الثقيلة عموماً، إن هذه الطاقة ستحرك 50 ألف طن زز هى وزن السفينة.
هذة القلعة المائية المتقدمة ستقوم بحمايتها وهى تجوب البحار ست سفن قتالية على الاقل، تصاحبها غواصة أو أثنتان.
ذلك التطور فى التكنولوجيا البحرية العسكرية: هل سيعيد العالم الى عصر كانت فيه البوارج الهائلة – منذ القرن التاسع عشر – هى التى تحكم الدنيا .. أو هى كانت على الاقل تشارك بقوة فى حكمها ؟
المحرر العلمى لقناة النيل للاخبار: مجدى غنيم