منذ نهاية “الحرب الباردة” لم يشهد العالم نشاطًا في تطوير الغواصات ونشرها في البحار كما يشهد الآن، تبعًا لصحيفة “ذي دول ستريت جورنال”، التي نشرت تحقيقًا موسعًا في هذا الشأن أكدت فيه أن ذلك يشمل الغواصات التي تدار بالديزل أو بالكهرباء أو بالطاقة النووية، وهناك الآن مالايقل عن 17 من دول العالم لديه خطط لتنمية أساطيل الغواصات .. بما في هذا دول تسعى لامتلاك الغواصات لأول مرة، ويساهم ذلك في تشكيل أوضاع عالمية جديدة إلى حد بعيد .
يفيد “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” في لندن بأن عدد الغواصفات التي تدار بالديزل والكهرباء قد انخفض خلال الـ 15 عامًا الماضية انخفاضًا حادًا من 463 غواصة إلى 256 فقط، لكن هذا يتحول الآن إلى العكس تمامًا، وسيواصل التحول.
لكن مؤسسة “ستراتيجيك دفنس إنتليجنس” للبحوث الاستراتيجية تقدر أن إنفاق العالم على الغواصات التقليدية سيتضاعف من 5.5 بليون دولار سنة 2014 إلى 11 بليون سنة 2024، رغم التناقص الراهن .
إن فكرة “الغواصة” في حد ذاتها ومنذ نشأتها تعتمد على تضافر مجموعة من التكنولوجيات التي تعمل على الإبقاء على حياة البحارة في أعماق الماء وتأمين معيشتهم، لكنها أولًا وأخيرًا “سلاح” يكلف بمهام قتالية ليس فقط على أساس أنها تكمن تحت سطح الماء، بل أيضًا على أساس أنها تعمل بعيدًا – أو بعيدًا جدًا – عن قاعدة انطلاقها، وقد تفرع عن هذا الكثير من الأمور المعقدة للغاية.. تتطلب تطويرًا تكنولوجيًا مستمرًا، ويرتكز هذا كله على ضرورة توفير الطاقة للغواصة .
وتؤكد “ذي وول ستريت جورنال” أن تطوير الغواصات يستفيد من أحدث الاتجاهات في تكنولوجيا الطاقة .. وهو أيضًا يفيدها .
وتوضح الصحيفة الاقتصادية الأمريكية واسعة الاطلاع أن غواصات يجري بناؤها الآن تقوم على تكنولوجيا “خلايا الوقود” والبطاريات عالية التقدم، وهي وسائل تعتمد طرقًا كيميائية لتوفر الطاقة من دون أي صوت يصدر عنها، والمعروف أن “صمت” الغواصة أصبح أمرًا مهمًا جدًا، لأن وسائل اكتشاف الغواصات تعتمد إلى حد حد بعيد التقاط الأصوات الصادرة عنها مهما كانت خافتة .
حوض “المحيط الهادي” هو الآن المعترك الأكبر لهذه التطورات، وهناك مناطق بحرية مهمة أخرى في هذا الصدد .. منها حوض “بحر البلطيق” وأنحاء من الشرق الأوسط .
يؤخذ من التحقيق أيضًا أن السويد أصبحت تحتل مكانة متنامية الأهمية في حقل تطوير تكنولوجيا الغواصات على الصعيد العالمي، إذ يتبنى الأسطول السويدي متعاونًا مع الصناعة البحرية أهدافًا طموحة للغاية في هذا الحقل، وبتعاون وثيق مع الأمريكيين .
وينظر إلى هذا الملف دائمًا باعتباره مرتبط تمامًا بالسباق في تكنولوجيا الصواريخ سواء الاستراتيجية منها أو الصواريخ “أعماق – سطح” .
من زاوية بيئية ينتاب قلق المهمومين بالبيئة البحرية – المثقلة بالمتاعب والمخاطر – حول التأثيرات البيئية السلبية، التي يمكن أن تنتج جراء هذا التصاعد المستمر في أعداد الغواصات التي تمخر أعماق البحار .
المصدر : مجدي غنيم المحرر العلمي لقناة النيل