منذ عقود من الزمان والشكوك تحوم : هل يمكن أن يزيد نشاط بشري من إمكان وقوع الزلازل ؟ المسلم به تمامًا أن ظاهرة طبيعية مستمرة من الأزل إلى الأبد ، وكان الرأي السائد : أن أي نشاط بشري مهما كان لايؤدي إلى وقوع زلزال بمعناه الدقيق ، إنما غاية الأمر أنه يمكن أن يسبب “اهتزازًا أرضيًا” محدود المدى والتأثير جدًا ، مع بناء السدود الكبيرة على الأنهار والتي تحتجز خلفها بحيرات اصطناعية – ومن أشهر أمثلتها “بحيرة ناصر” عندنا – ألح السؤال حول أثر هذه البحيرات على التنشيط الزلزالي ، والآن تتزايد الدلائل التي تشير إلى أثر أنشطة بشرية في وقوع الزلازل : وفقًا”للمساحة الجيولوجية الأمريكية” كبرى جهات البحث الجيولوجي في العالم .
يوم 5 نوفمبر 2011 : حدث قرب مدينة “براج” في ولاية “أوكلاهوما” الأمريكية زلزال شدته 5.6 درجة على مقياس ريختر كان الأقوى في تاريخ الولاية وقد أحدث آثارًا تدميرية ( وزعت “المساحة الجيولوجية الأمريكية” الصورة المرافقة ) وقد قامت “المساحة الجيولوجية” بأبحاث وحسابات مستفيضة حول هذا الزلزال : وهاهي تؤكد أن هناك مايشبه اليقين الآن من وجود علاقة بين وقوعه وأنشطة لاستخراج البترول في أراضي “أوكلاهوما” ، وقد برزت دلائل أخرى عديدة تؤيد الاتجاه نفسه .
في “جامعة ستانفورد”الأمريكية مركز يبحث في العوامل المساعدة على النشاط الزلزالي : وقد أعلن “البروفسور مارك زوباك” مدير هذا المركز أنه منذ ستينات القرن الماضي والعلماء يظنون أن النشاط البشري لايحدث الزلازل ، لكن يمكن القول بأنه قد “يطلق شرارة” لإحداثها .
لقد نشر “البروفسور زوباك” مايقرب من 300 بحث حول الموضوع : وهو يخلص منها إلى أنه أصبح من الواجب حين التخطيط لأي مشروع كبير أخذ أثره الزلزالي المحتمل في الاعتبار .
ويرى “زوباك” أستاذ الجيوفيزياء في “ستانفورد” أنه من المعلوم منذ أمد طويل أنه ينبغي عند إقامة مشروع كإنشاء محطة نووية مثلًا دراسة الوضع الزلزالي الطبيعي لمنطقة المشروع : والآن ينبغي اتخاذ مسار عكسي في مشروعات أخرى ، فننظر فيما يترتب عليها من آثار زلزالية محتملة .
الآن ونحن نتحدث عن آثار البحيرة الاصطناعية التي ستنتج – وهي بحيرة هائلة – عن إقامة “سد النهضة” الإثيوبي ، وبعدما تردد عن أثرها الزلزالي الإقليمي ، ألا نتجه إلى “البروفسور زوباك” والمركز الذي يديره في “جامعة ستانفورد” ليدلي بدلوه المهم جدًا في الموضوع ؟
المصدر : مجدي غنيم المحرر العلمي لقناة النيل