قررت محكمة جنايات بورسعيد, في جلستها المنعقدة- اليوم الأحد- برئاسة المستشار محمد السعيد, تأجيل محاكمة 51 متهما إلى جلسات متعاقبة تعقد اعتبارا من 24 وحتى 27 مايو المقبل, وذلك في قضية أحداث الاشتباكات والعنف والشغب التي جرت بمحافظة بورسعيد في شهر يناير 2013 ومحاولة اقتحام السجن هناك.
وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات في القضية, ومناقشتهم في وقائعها.
وقرر محامو الدفاع بتمسكهم باستدعاء الرئيس الأسبق محمد مرسي لسماع شهادته في وقائع القضية, باعتبار أنه كان يشغل منصب رئيس الجمهورية إبان وقوع الأحداث, وأيضا استدعاء وزير الداخلية (الأسبق) محمد إبراهيم نظرا لكونه كان يشغل حقيبة الداخلية في فترة وقوع الأحداث, مبررين هذا الطلب بأن ذوي القتلى والمصابين سبق وأن تقدموا ببلاغات ضد مرسي وإبراهيم حملت اتهامات ضدهما بالمسئولية عن وقوع الأحداث.
وأثبتت المحكمة, في مستهل الجلسة, ورود تقرير مصلحة الطب الشرعي حول مزاعم المتهمين بتعرضهم للتعذيب داخل محبسهم, وأيضا ورود مذكرة من مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون في هذا الأمر, والذي أفاد بأنه تم إجراء تحقيقات بمعرفة ضباط سجن الاستئناف حول تلك الواقعة وسؤال ضابطين اثنين قال المتهمون إنهما تعديا عليهم, حيث ورد بمذكرة مساعد الوزير أن الضابطين قالا بالتحقيقات “إن المتهمين رفضوا الانصياع لتعليمات السجن ورفضوا الدخول للزنازين المخصصة لهم, وأنه تم حبس أحد المتهمين بالحبس الاحتياطي وأن 8 متهمين آخرين كانوا يرتدون ملابس مدنية ليست من ملابس السجن وتم مطالبتهم بتغيير ملابسهم غير أنهم أحدثوا حالة من الهياج”.
وأضافت المذكرة أنه عندما تم نقل المتهمين لسجن الاستقبال تعدوا على رائد شرطة وأحدثوا حالة هياج شديدة بالسجن وتشاجروا مع مساجين آخرين, مما أدى إلى إصابة بعضهم وإحالتهم إلى المستشفى, وأنه ضبط شفرة حلاقة وهاتف محمول مع المتهم علاء إسماعيل وجهاز محمول آخر مع متهم ثان واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهما وحبسهما لمدة أسبوع بالحبس الانفرادي ومنع الزيارة عنهما لمدة شهر, فضلا عن تعدي المتهمين على قوات السجن وإلقاء الطوب عليهم.
وصرح رئيس المحكمة لهيئة الدفاع بالاطلاع على ذلك التقرير والتحقيق الذي أجرته مصلحة السجون, وأيضا تقارير الطب الشرعي, مؤكدا أن النيابة العامة ستتولى التحقيق فيها باعتبارها واقعة جنائية جديدة لا تتعلق بموضوع الجناية المنظورة الآن.
واستمعت المحكمة إلى اللواء أحمد البرقوقي مساعد وزير الداخلية لشئون سجون الوجه البحري والإسكندرية سابقا وحاليا بالمعاش, والذي قال إنه يوم الواقعة كان متواجدا بمقر سجن بورسعيد وأن اختصاص عمله كان الإشراف على كافة الخدمات الموجودة بداخل السجن, مؤكدا عدم وجود أي اختصاص له خارج السجن وأن كامل قوة السجن وعملها كان في الإطار الداخلي للسجن, وأنه لم يخرج أي ضابط خارج السجن, وأنه تم سحب قوة تأمين أبراج السجن بعد التعدي على السجن بالأعيرة النارية.
وأضاف الشاهد ان سبب ذهابه إلى السجن, في ضوء معلومات مسبقة وردت من أجهزة جمع المعلومات بوزارة الداخلية عن قيام أهالي المتهمين في قضية ستاد بورسعيد بالحشد والتجييش, وتخطيط بعض الخارجين عن القانون لمهاجمة السجن, وهو الأمر الذي كان يستدعي تواجد قيادة مناسبة بالسجن لإدارة الأمور, ومن ورد إليه تكليف مساعد وزير الداخلية رئيس قطاع السجون بالتواجد بنفسه هناك.
وأكد الشاهد أن المعلومات الأمنية أضافت أنه في حالة صدور أحكام غليظة في قضية مجزرة ستاد بورسعيد, سيحدث هجوم عنيف على السجن, وأن أبراج السجن, وعددها 9 أبراج, تولى تأمينها المجندون, مشيرا إلى أن التشكيل الهندسي لتلك الأبراج جعل نوافذها مواجهة للسجن لمنع هروب أي سجين.
وتدخل رئيس المحكمة مؤكدا أن المعاينة التي أجرتها المحكمة للسجن والأبراج أظهرت وجود عدد من الفتحات ولم يتم غلقها, فرد شاهد الإثبات بأن الفتحة الأساسية الرئيسية هي المواجهة للسجن وأن الفتحات الأخرى لا تتعلق بعمل المجند وأن مهمة عمله إطلاق الأعيرة التحذيرية من خلال أوامر تصدر له.
وقال الشاهد “إنه لا يوجد له إشراف مباشر على قوات تأمين الأبراج, وأن هذا الأمر يعود إلى مأمور السجن الذي يتولى تنفيذ هذه الأمور, ثم إخطاره بتنفيذ عمليات التأمين على النحو الواجب ووفقا للقواعد المقررة لذلك”.
وذكر الشاهد أنه في أعقاب صدور الحكم, فوجىء المتواجدون داخل السجن بوابل من الأعيرة النارية من كافة المناطق المحيطة للسجن, وأن الأمر كان بمثابة “المعركة الحربية”, وأن إطلاق النيران الكثيف أدى إلى استشهاد الضابط أحمد البلكي وأمين شرطة, مشيرا إلى أن مجندي الأبراج أطلقوا فقط الأعيرة التحذيرية ولم يطلقوا أعيرة نارية صوب المواطنين أو الأهالي خارج السجن, وأن تلك الأعيرة أطلقت بعد التعدي على السجن وإطلاق الأعيرة النارية صوبه بكثافة, فتم إصدار الأوامر بإطلاقها بشكل تحذيري, وأن تلك الأوامر وصلت المجندين بواسطة أجهزة الاتصالات اللاسلكية, مشددا على أن أي مجند لا يستطيع إطلاق أي أعيرة نارية أو تحذيرية إلا في ضوء أوامر صريحة بهذا الشأن.
وأوضح الشاهد أن إطلاق الأعيرة النارية تجاه السجن, كان من كافة الجهات, وأنه كانت هناك بنايات مرتفعة قريبة من السجن, استخدمت أسطحها في إطلاق أعيرة نارية صوب السجن من قبل المعتدين, مشيرا إلى أن فترة إطلاق الأعيرة النارية استمرت من يوم 26 إلى 30 يناير 2013.
وأشار إلى أن السجن تعرض لإطلاق نيران لمدة ساعة كاملة دون أن تطلق قوات التأمين طلقة واحدة ردا على تلك الاعتداءات.
وردا على سؤال من المحكمة حول سبب سقوط أعداد كبيرة من القتلى من المواطنين حول السجن.. أجاب الشاهد بأن المعتدين أرادوا أن يقع أكبر قدر من الخسائر بقوات الشرطة وإحداث أكبر عدد من الوفيات والإصابات في صفوف المواطنين بقصد إلصاق الاتهام بالشرطة, وأن ذلك الأمر بدا واضحا من خلال كمية الأعيرة النارية التي أطلقت على السجن
من أجل تهريب السجناء.
وأضاف أن القوات المسلحة حضرت إلى السجن في يوم الواقعة في تمام الساعة الثانية ظهرا, وبدأت في تأمين جوانب السجن, ووضع سيارة مدرعة أمام بوابة السجن.
ولفت الشاهد إلى أنه تم اقتحام قسم شرطة الكهرباء والاستيلاء على كافة الأسلحة التي توجد بداخله قبل واقعة الاعتداء على السجن, مشيرا إلى أن الهدف من الاعتداء على السجن كان إحداث حالة من الانهيار لدى قوات الشرطة لتحقيق هدف المعتدين في تهريب السجناء, وأنه لا يستبعد أن تكون الجماعات المتطرفة قد شاركت في ذلك الهجوم, خاصة وأن العديد من المقاطع المصورة التي تم تقديمها إلى النيابة العامة تحتوي علي مشاهد لتجميع الأسلحة حول مدينة بورسعيد قبل تلك الواقعة.
واستمعت المحكمة أيضا إلى شاهد الإثبات اللواء إبراهيم سليمان وهبه مأمور سجن بورسعيد سابقا (متقاعد حاليا), والذي قال “إن عدد قوات السجن كانت 157 من الأفراد من قوات الدرجة الأولى وسرية من الجنود وعددهم 60 جنديا, و17 من ضباط مباحث السجن, لافتا إلى أن قوات تأمين الأبراج هي التي كانت تحمل الأسلحة, ولا يجوز لأي ضابط حمل سلاحه الشخصي وفقا لتعليمات السجن أيا كانت رتبته, ويجوز له أخذه خارج السجن ويكون على عهدته الشخصية”.
وبين أنه لم يكن يعلم بالتخطيط للاعتداء على السجن, باعتبار أن هذا الأمر من اختصاص الجهات البحثية المكلفة بجمع المعلومات, مشيرا إلى أن وزارة الداخلية أرسلت قوات الأمن المركزي لتأمين السجن خلال جلسة النطق بالحكم على متهمين قضية ستاد بورسعيد.
وأضاف أن بعض أقارب وأهالي المتهمين في قضية ستاد بورسعيد, كانوا يقيمون خارج السجن, وأنه لم تكن لديه السلطة لسؤالهم حول تواجدهم أو إبعادهم, باعتبار أن هذا الأمر من اختصاص مديرية أمن بورسعيد التي أرسلت مساعدي مدير الأمن للتحدث والتواصل معهم بواسطة المحامين.
وأكد الشاهد أن قوات تأمين الأبراج, أطلقت الأعيرة التحذيرية بواسطة الأسلحة الآلية من خلال إطلاق الأعيرة النارية في الهواء, ردا على الأعيرة النارية الكثيفة التي أطلقها المعتدون ضد السجن.
واستمعت المحكمة أيضا إلى شاهد الإثبات الدكتور السيد المصري مدير الإسعاف ببورسعيد, والذي قدم إلى المحكمة كشفا يتضمن السيارات التي شاركت في الواقعة مبين فيه أسماء المسعفين والسائقين وكود كل سيارة.. كما قدم مظروفا مفتوحا به 23 مستندا مبين به أسماء جميع المصابين والمتوفين, موضحا أن تلك البيانات مسجلة بقسم الطوارئ بمديرية الصحة.
وقال الشاهد “إنه يوم الواقعة كان متواجدا بمكتبه, حيث تلقى الإسعاف معلومات بإعلان حالة الطوارئ بسبب الإعلان عن صدور الحكم في قضية ستاد بورسعيد, وأن الجهة التي أبلغت بحالة الطوارىء كانت الشئون الصحية, لافتا إلى أنه مع بداية سماع أصوات الرصاص انطلقت إحدى سيارات الإسعاف لاستطلاع الأمر من خلال قيامها باتخاذ موقف آمن دونما الدخول إلى موقع الحادث”.
وكانت التحقيقات التي باشرها قاضي التحقيق المستشار عمر الجوهري, قد كشفت أن المجني عليهم في تلك الأحداث موضوع المحاكمة, قد بلغ 42 قتيلا من بينهم ضابط وأمين شرطة, ووقوع إصابات لأكثر من 79 مواطنا آخرين.
وجاء بقرار الاتهام أن المتهمين خلال الفترة من 26 إلى 28 يناير 2013 وآخرين مجهولين بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل 42 شخصا, من بينهم ضابط الشرطة أحمد أشرف إبراهيم وأمين الشرطة أيمن عبد العظيم أحمد, بالإضافة إلى 40 مواطنا آخرين, عمدا مع سبق الإصرار والترصد وأصابوا 70 آخرين, وذلك عقب قيامهم باستغلال تظاهرة أهالي المتهمين في قضية ستاد بورسعيد حول سجن بورسعيد العمومي لمنع قوات الشرطة من نقل المتهمين من محبسهم لجلسة النطق بالحكم عليهم بمقر أكاديمية الشرطة.
وذكر قرار الاتهام أن المتهمين قاموا بإعداد الأسلحة النارية الآلية والخرطوش والمسدسات والذخائر الحية, وعدد كبير من الأسلحة البيضاء وقنبلة يدوية, واندسوا وسط المتظاهرين السلميين وانتشروا في محيط التظاهرة, وعقب صدور قرار المحكمة بإحالة أوراق بعض المتهمين لمفتي الجمهورية في القضية إيذانا بإصدار حكم بإعدامهم, قام المتهمون بإطلاق الأعيرة النارية صوب المجني عليهم من رجال الشرطة, ثم أطلقوا الرصاص بطريق عشوائية على باقي المتظاهرين من المواطنين, مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والمصابين.
وأضاف أن قصد المتهمين من ارتكابهم جناية القتل العمد هو استعمال القوة وتخويف المجني عليهم لإلحاق الأذى البدني والمعنوي بهم, مما أدى إلى تكدير أمنهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر، كما قام حاز المتهمون وأحرزوا أسلحة نارية مششخة وذخائر حية وبنادق خرطوش بدون ترخيص وذخائر حية, بالإضافة إلى حيازتهم عددا كبيرا من الأسلحة البيضاء وقنبلة يدوية.
وأشار أمر الإحالة إلى أن المتهمين خربوا الممتلكات العامة للدولة المتمثلة في سجن بورسعيد وشركة الكهرباء وكافة الأقسام الشرطية, لبث الرعب والخوف في نفوس المواطنين, كما ارتكبوا أيضا جنحة البلطجة من خلال استعمال القوة والعنف والتهديد ضد أشخاص مكلفين بالخدمة العامة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )