أكدت مجلة “ووتر 21” أن وزارة الدفاع الأمريكية تزيد من إهتمامها بانعكاسات التغيرات المناخية على الإستراتيجية العسكرية العالمية، وأنها تدير برامج بحثية في هذا الشأن، من أهمها: برنامج يقوم به “معهد وودز هول لعلوم البحار” حول تلك الإنعكاسات في “المحيط الأطلسي”.
وتفيد المجلة الناطقة بلسان “إتحاد المياة الدولي” بأن من أبرز النتائج التي تم التوصل إليها: أن هطول الأمطار على أوروبا أخذ في التناقص منذ سنة 2010، مما قد ينذر بموجة جفاف قوي تمر بها القارة، في المقابل تمر آسيا بسلسلة من الفيضانات الخطيرة المستمرة، قد تدفع بكثير من سكانها إلى أن يصبحوا لاجئين نتيجة لمعاناتهم، وعلى الإجمال ستكون لهذة التغيرات العميقة انعكاساتها الإستراتيجية.
ووفقًا للمجلة، فإن هناك سيناريوهات شارك في وضعها أكثر من واحد من أجهزة المخابرات الأمريكية، وتبعًا للفهم الحالي لهذا الملف، فإن حال “المحيط الأطلسي” لن تشهد تغيرات كبيرة خلال القرن الحالي، وإن حدثت فإنها تحدث بعد سنة 2100.
وتستحوذ التغيرات المناخية في “المحيط الهادي” حاليًا على النصيب الأوفى من إهتمام “البنتاجون” في هذا المجال، وخصوصًا ما يتعلق بمستقبل جزر المحيط.
ويجري التركيز الآن على دراسة مستقبل جزيرة “جوام” في ظل التغيرات المناخية، لما لها من أهمية خاصة في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية.
وجزيرة “جوام” تقع في غربي “الهادي”، وهي كبرى مجموعة الجزر “ماريانا آيلاندز”، وهي ترتبط ارتباطا إداريا قويا بالولايات المتحدة، لكنها ليست ولاية، وهي لها أهمية تجارية، وتبلغ مساحتها 541 كيلو مترًا مربعا، وهي قاعدة بحرية إستراتيجية بحرية وجوية أمريكية مهمة.
عهد إلى “المساحة الجيولوجية الأمريكية” القيام بدراسة مستقبل “جوام” من منظور التغيرات المناخية، ومن المقرر إتمام الدراسة في سبتمبر 2017، وكانت قد بدأت في أكتوبر 2014، ولا تقتصر أهميتها على الجزيرة وحدها: بل هي تنسحب على ” المحيط الهادي” عمومًا.
لدى “المساحة الجيولوجية الأمريكية” مركز اسمه “مركز علم المياة في جزر المحيط الهادي” يؤكد وجودة على أهمية هذة الجزر ومواقفها المائية، هذا المركز لا يكتفي مثلا بمجرد تتبع هطول الأمطار على تلك الجزر، بل هو يهتم أيضًا بتأثير ذلك على مياهها الجوفية.
يتطلب تفهم أثر التغيرات المناخية على أحوال العالم المائية- مالحة وعذبة سطحية وجوفية- عدم إهمال دراسة أي نقطة على سطح الكوكب كلة، لأن هذة الأحوال تشكل سياقًا واحدًا متصلًا وكلًا لا يتجزأ.
بديهي أن الأبحاث التي تقوم بها أجهزة الدفاع و الأمن أو تمولها وترعاها توجه أساسًا لخدمة مصالح الدول التي تنتمي إليها هذة الأجهزة، لكن هذا لا يمنع أبدًا من استفادة “العلم” منها، وهو ما يحدث حاليًا فيما يتعلق بانعكاسات التغيرات المناخية على مستقبل المياة- التي هي الحياة نفسها- في العالم، والتي أصبحت يقينًا مجالًا للدراسات الإستراتيجية.
مجدي غنيم: المحرر العلمي “لقناة النيل”