قال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية إن الفكر المتشدد والمتطرف من أهم التحديات التي تواجه العيش المشترك، مؤكدا أن الفكر المتطرف والإرهاب يعالج بالفكر المستنير.
وأضاف البابا تواضروس – في كلمته بمؤتمر “الحرية والمواطنة..التنوع والتكامل” الذي ينظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين اليوم بالقاهرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي- أن مصر لازالت تعانى والمنطقة من الفكر المتطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين والذي أدى إلى الإرهاب والتطرف الذي يعد أكبر تحديات العيش المشترك.
وأشار البابا تواضروس إلى وجود أنواع مختلفة من الإرهاب منها الإرهاب البدني متمثل في القتل والتفجيرات التي تستهدف مؤسسات الوطن وترويع الأبرياء، والإرهاب الفكري الذي يمثل الاعتداء على الفكر والرأي وتكفير الآخرين وتسفيه الممارسات الدينية المختلفة، وهناك الإرهاب المعنوي والتطرف الفكري وإلغاء الآخر المختلف عنا، وهو الظلم والتمييز على أساس الدين والعقيدة في المعاملات اليومية.
واعتبر البابا تواضروس أن هذا التطرف والعنف يرجعان إلى التربية الأحادية القائمة على الرأي الواحد فيكون كل رأي مختلف مع الشخص كافرا ومضللا، بالإضافة إلى الطائفية وغياب ثقافة احترام الآخر، وقال “من يتبع هذا الفكر ينظر في مرآة لا يرى فيها إلا نفسه ولا يحترم الآخر في عقيدة أو حرية شخصية”.
وأوضح البابا تواضروس أن أحد أسباب التطرف هو الجهل بالآخر، والمقصود بها أن العقلية المتطرفة تخلق لها أعداء من صنع الخيال،واعتبر أن الحل يكمن في تقديم القيم الدينية بصورة مستنيرة وعصرية، ومعالجة الفكر المتطرف بالفكر المستنير لأنه لا يمكن قتل وجهة نظر أو سجنها ومواجهتها تكون بالفكر، مؤكدا أن الدين حل للمشكلة وليس جزءا منها.
ولفت البابا تواضروس إلى أن “المسيحية جوهرها المحبة وشعارها الله محبة وهي صانعة السلام وعلى المحبة نبني كل أفعالنا”، وأضاف في مصر وبعد أحداث 14 أغسطس 2014 عاشت الكنيسة هذا الحب وصنعت السلام ووقف الشباب في الكنائس المحترقة والمدمرة وكتبوا عبارات تقول نحن نحبكم نحن نغفر لكم”.
وأكد أنه إذا غاب التنوع عن الإنسان ظهر التطرف، وغاب منهج الحضاري العصري الذي تنشده كل شعوب الأرض،وأشار إلى أن التنوع ينشئ الحوار والحوار يدور في دائرة التعارف والعيش المشترك وهناك 3 ثقافات هى الحوار والشجار والجدار (لا يستجيب لأي حوار)، مضيفا “نحن نشجع ثقافة الحوار الدائمة”.
وقال البابا تواضروس “نريد أن نبني القيم الإنسانية الجميلة ونريد احترام الأديان ونحتاج العقل المنفتح والمسؤولية مقابل لاتكالية والحوار مقابل القمع ونشجع ملكات التفكير مقابل الحفظ والتلقين، هذه الأمور تصب في مجال الإبداعات الإنسانية كل يوم”.
وأضاف “نحتاج من المنطقة العربية الاشتراك بهذه الابداعات، فالله خلق عقولنا لكي نبدع في الأرض، فالله خلق الإنسان وسلمه الأرض ليبدع فيها ونحتاج أن نشترك جميعا في الحضارة الإنسانية وبناء الوعي الإنساني”،وطالب باستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد في ترسيخ المفاهيم الصحيحة لمواجهة أصحاب الفكر المتطرف والتأثير في الشباب.
وأكد أهمية استخدام أدوات تربوية لمواجهة التطرف وتدعيم دور المرأة في التوعية وخاصة في مجال الأسرة والتربية والطفل والاهتمام بالأسرة والتي هي الأساس والركيزة التي تبدأ العمل مع الإنسان في نموه وحياته .
واختتم البابا تواضروس كلمته قائلا “إننا في الوطن الواحد نتمتع بالتعايش والقيم الإنسانية المشتركة على أساس الاحترام المتبادل بين الجميع بما يؤدي للاستقرار والتقدم لحياة أفضل لبلدنا والعالم أجمع”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)
