وافقت اسرائيل الاثنين على بناء 31 وحدة استيطانية في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، للمرة الأولى منذ عام 2002، حسب ما أعلنت منظمة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان.
وقالت مسؤولة في المنظمة إنه تمت الموافقة على 31 وحدة سكنية استيطانية وسط مدينة الخليل على قطعة أرض قام الجيش الإسرائيلي بمصادرتها “لأهداف عسكرية”.
والإعلان عن وحدات استيطانية في مدينة الخليل هو خطوة بالغة الحساسية في هذه المدينة التي يعيش بين سكانها الفلسطينيين وعددهم نحو 200 ألف، نحو 800 مستوطن تحت حماية الجيش الإسرائيلي في عدد من المجمعات المحصنة في قلب المدينة.
وسيتم بناء هذه الوحدات في منطقة شارع الشهداء، التي كانت عبارة عن شارع حيوي مليء بالمحلات التجارية على مقربة من الحرم الابراهيمي.
والذي يزيد من حدة التوتر في الخليل، تحصن المستوطنين في جيب قرب الحرم الإبراهيمي وسط حماية مشددة جدا من الجيش الإسرائيلي.
وقال الناشط الفلسطيني عيسى عمرو، مؤسس حركة “شباب ضد الاستيطان” غير الحكومية، إن هذا الإعلان من شأنه “المساهمة في تعزيز سياسة الفصل العنصري بالإضافة إلى زيادة الاعتداءات العنيفة من قبل المستوطنين وتعزيز التواجد العسكري والإغلاقات” التي تستهدف الفلسطينيين.
واعتبر عمرو أن الإعلان يأتي في اطار خطة “للاستمرار في تهويد البلدة القديمة في تحد واضح لقرار اليونسكو”.
وأعلنت لجنة التراث العالمي في اليونسكو في يوليو البلدة القديمة في الخليل “منطقة محمية” بصفتها موقعا “يتمتع بقيمة عالمية استثنائية”. كما أدرجت الموقع على لائحة المواقع التراثية المهددة.
وتنشط حركة “شباب ضد الاستيطان” في الخليل، كبرى مدن الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف عمرو “بدلا من طرد المستوطنين وإعادة فتح الشوارع والمحلات التجارية المغلقة، يقومون بمصادرة منطقة هامة وحيوية جدا كانت عبارة عن محطة للحافلات والمواصلات الرئيسية في قلب مدينة الخليل”.
واتهم عمرو الجيش الإسرائيلي بمحاولة “تسريب الأرض التي صادرها للمستوطنين”.
ورأى عمرو أن الاعلان يأتي “في اطار سباق مع الزمن لمصادرة أكبر عدد ممكن من الأراضي والمحلات في المنطقة المصنفة ’ج’ مع وجود (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب في الحكم وانشغال المجتمع الدولي بأمور بعيدة عن القضية الفلسطينية”.
أما رئيس بلدية الخليل تيسير ابو سنينة فحذر من ان القرار قد يدخل المدينة في “حالة فوضى”.
وأكد عبر الهاتف “هذا رد على وضع الخليل على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو ومحاولة إرضاء للمستوطنين من قبل الحكومة الاسرائيلية” مؤكدا أن “القرار باطل وغير شرعي بكل المعايير والقوانين الدولية…وحتى القانون الإسرائيلي”.
وقالت منظمة السلام الآن في بيان أن “الاستيطان في الخليل يمثل أقبح أشكال الاحتلال”، مؤكدا أنه من المتوقع ارتفاع عدد المستوطنين في الخليل بنسبة 20%.
وبعد سنوات على مجزرة الحرم الابراهيمي التي نفذها الأمريكي الإسرائيلي باروخ جولدشتاين وقتل فيها 29 فلسطينيا في 1994، تم الاتفاق على أن يتولى الفلسطينيون شؤون 80 بالمئة من المدينة.
ويسري القانون العسكري الإسرائيلي على المستوطنين اليهود ونحو 30 ألف فلسطيني يعيشون بالقرب من الجيب اليهودي.
ومنحت السلطات الاسرائيلية الشهر الماضي الجيب الاستيطاني في المدينة سلطة إدارة شؤونه البلدية في إجراء يرى فيه مناهضو الاستيطان تعزيزا “للفصل العنصري” في المدينة.
ويعيش نحو 430 ألف شخص في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة وهي تقطع أوصال الأراضي الفلسطينية، وسط 2,6 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى مئتي ألف مستوطن يقيمون في أحياء استيطانية في القدس الشرقية المحتلة وسط 300 ألف فلسطيني في المدينة المقدسة.
ويترأس بنيامين نتانياهو الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، ويخضع لضغوطات كبيرة من لوبي الاستيطان في ائتلافه. ويواجه أيضا ضغوطات بسبب تحقيقات حول ضلوعه في قضايا فساد ولكن لم يتم توجيه أي اتهامات رسمية له.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان في 1967 وضمت القدس ومن ثم هضبة الجولان في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
ويشكك كثيرون في إمكانية استئناف محادثات جدية بين الجانبين حاليا، لا سيما وأن الحكومة الحالية تضم مؤيدين للاستيطان دعوا بشكل علني إلى إلغاء فكرة قيام دولة فلسطينية.
وجهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الأمريكية حول هذا الموضوع في أبريل 2014.
وبينما تسعى إدارة دونالد ترامب لإحياء مفاوضات السلام المتعثرة بين الجانبين، فإن الإدارة الأمريكية تعرضت لانتقادات حول صمتها حيال الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مقارنة بإدارة باراك أوباما السابقة التي انتقدت الاستيطان بشدة.
المصدر : أ ف ب