في مواقع من العالم: تقبع “كيانات تكنولوجية” فريدة وخطيرة جدا، لاتكاد عامة الناس تعلم عنها شيئا، ومع ذلك: فهي – من حيث لايعلمون – تؤثر في حياتهم وشؤونهم.. بل وفي مصائرهم – أبلغ تأثير، فعليها مثلا يعتمد تطوير أسلحة نووية جديدة تشكل أوضاع عالمنا وتفرض حقائقه فرضا، وفي “البوكيورك” بولاية “نيو مكسيكو” الأمريكية: يقبع أحد تلك “الكيانات” الخطيرة، إنه “آلة” لايوجد ما يماثلها في العالم، اسمها مكون من حرف واحد بالإنجليزية “زد” فهي “الآلة زد” وهي باختصار أقوى مصدر على وجه الأرض للنبضات الكهرومغناطيسية، والآن يعمل القائمون عليها على أن يزيدوها قوة على قوتها.
توجد هذه “الآلة” ضمن منشآت مركز علمي أمريكي مهم: هو “سانديا ناشيونال لابوراتوريز” في “ألبوكيورك”.
بينما يعرف الناس في العالم كله الاسم “ناسا” وأنه الاسم المختصر “للإدارة القومية للأمن النووي” في الولايات المتحدة.. وهي تقوم بدور خطير جدا فيما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية، وهي التي تمول “الآلة زد”، وقد خصصت لتمويلها هذه السنة وحدها – 2014 – نحو 40 مليون دولار!
إنها آلة لاغنى عنها في أبحاث إنتاج الأسلحة النووية الجديدة، ومن هنا أهميتها الأكبر.. إلا أن نحو نصف نبضاتها الكهرومغناطيسية الهائلة فقط يستعمل في هذا الغرض، ويخدم الباقي أغراضا علمية سلمية متنوعة ومهمة جدا.
جاء اسم الآلة من أن المكون الأساسي لها على شكل الحرف “زد”، ولايعني أن اسمها “آلة” أنها “آلة” مثل آلة الحياكة مثلا! بل هي واقع الحال كيان هندسي كبير، بالغ التقدم والتعقيد، انتهى العمل فيها وبدأت القيام بمهمتها سنة 1996، ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف العلماء والمهندسون عن تطويرها ورفع إمكاناتها، وخلال سنتي 2006، 2007 كان تطور رئيسي بلغت تكلفته 90 مليون دولار.. واعتبر إعادة لميلادها، لكن مايحدث لها حاليا أهم.
كيف تؤثر مثل تلك “الآلة” المتوارية عن الأنظار، تحت حماية حرس شديد واحتياطات أمنية كثيفة، على حياتنا؟ إذا التفتنا عن شق تطوير الأسلحة النووية في عملها: فإنها مثلا تسهم في إيجاد أنواع جديدة عالية التطور من المواد ذات الأثر الانقلابي في شتى المجالات.
إنها أيضا ذات أثر كبير في تطوير الطاقة النووية السلمية.. “الجول” وحدة قياس أساسية يستعملها العلماء والمهندسون في قياس الطاقة بكافة صورها: والآلة “زد” تطلق نبضات كهرومغناطيسية الآن طاقة الواحدة منها 22 ميجا جول، وهو رقم هائل جدا، لاتقترب منه آلة مناظرة آخرى..
إلا أن “سانديا” يبذل جهدا لزيادة الرقم إلى 155 ميجا جول للنبضة الكهرومغناطيسية الواحدة، وحين يتحقق هذا: فإن أمورا علمية وتكنولوجية – عسكرية ومدنية – سوف تتغير بالتأكيد.
مجدي غنيم: المحرر العلمي لقناة النيل