تترقب مصر كما يترقب العالم أجمع انطلاق الملاحة فى قناة السويس الجديدة، في السادس من شهر أغسطس الحالى، حيث يفتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي المشروع العملاق ليكون هديته للمصريين الذين ساهموا بأموالهم وجهدهم في انجاحة، وعبور جديد للمستقبل وهدية مصر للعالم.
وفي ٥ أغسطس الماضى، دشن الرئيس السيسى مشروع حفر “قناة السويس الجديدة ” لتكون موازية للمر الملاحي الحالي بطول 72 كيلومترا لتمكين السفن والناقلات من عبور القناة في اتجاهين في ذات الوقت، وتلافي المشكلات الحالية التى تؤدى إلى توقف قافلة الشمال لمدة تزيد علي 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة وتقليل زمن رحلة عبور القناة، مما يساهم فى زيادة ايراداتها.
واستلهمت مصر حلم قناة السويس ذلك الحلم القديم الذى راود عقول الاباطرة والفراعين على مر العصور ، إنها قدر مصر التى وهبها الله عبقرية الزمان والمكان، وكأنما كتب على مصر وشعبها أن يحملوا هذه الأمانة من أجل الإنسانية جمعاء .
وتعود فكرة انشاء قناة لربط البحرين المتوسط والأحمر إلى مايقرب من ٤ آلاف عام حينما حفر الفرعون ” سينوسرت الثالث ” أول قناة لربط البحرين عبر نهر النيل مستخدما الفرع البالوزى الذى يمر بالقرب من منطقة القناة ، ونظرا لاهمية تلك القناة أعيد حفرها 6 مرات على مر ٢٦ قرنا من الزمان كان آخرها “قناة أمير المؤمنين” عمر بن الخطاب التى أنشأها عمرو بن العاص عقب الفتح الاسلامى لمصر فى عام ٦٤٢ ميلادية
وفي العصر الحديث عاد حلم القناة من جديد مع الحملة الفرنسية على مصر، حيث كلف نابليون بونابرت كبير مهندسى الطرق لوبيير بدراسة المشروع إلا أن الدراسة أثبتت بالخطأ ارتفاع منسوب البحر الأحمر عن البحر المتوسط بـ8 أمتار ونصف ولهذا ألغى مشروع القناة أيام الحملة .
وفى عام ١٨٥٤ عندما تولى محمد سعيد باشا حكم مصر استطاع فردناند ديليسبس الحصول على الامتياز الأول لحفر قناة السويس، ومنح الخديو سعيد الشركة الفرنسية امتياز لمدة 99 عاما ، وبدأ حفر القناة الذى استغرق 10 سنوات (1859 – 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، ومات خلالها أكثر من 120 ألفا منهم أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة ٠
وفي عام 1869 تم افتتاح ” قناة السويس ” في حفل مهيب وبموازنة ضخمة، وفي عام 1905 حاولت الشركة تمديد حق الامتياز 50 عاما إضافية إلا أن المحاولة فشلت لاحقا ، وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، مما تسببت في إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحاب قوى العدوان
وتسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى قام الرئيس السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975، وشهدت القناة بعد ذلك محاولات لتوسيعها بدأت فى عام 1980 وطرحت عدة أفكار لتحويلها إلى منطقة خدمات لوجستية، ولكنها لم تلقى قبولا لدى المسئولين
من جهته اكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش أن مشروع قناة السويس الجديدة ملحمة بطلها الشعب المصرى وسيقف التاريخ أمامها كثيرا بعد أن نجح المصريون فى تحويل المشروع من مجرد فكرة الى واقع ملموس على الارض ,وقال “إن شمس المستقبل ستشرق من قناة السويس الجديدة”.
وأضاف مميش، فى تصريحات صحفية، إن الشعب المصرى هو صاحب الفضل فى مشروع قناة السويس الجديدة بعد معركة خاضتها الدولة المصرية من اجل التنمية والرخاء، وثمن دور الشباب المصرى فى التكاتف حول دولته من اجل النهوض بها، مشيرا الى أن مصر تحتاج الى معاول البناء حتى تصبح فى مصاف الدول المتقدمة .
وأشار الى أن حفل الافتتاح سيتضمن رسالة للعالم مفادها أن مصر آمنة مستقرة قادرة على الإنجاز بسواعد ابنائها مهما كانت التحديات التى يواجهونها، مضيفا أن مصر بعد قناة السويس الجديدة ستحتل موقعا هاما بخريطة الاستثمار العالمى , موضحا أن مصر ومنطقة السويس تحديدا هى افضل مناطق الاستثمار فى العالم نظرا لموقعها الجغرافى المميز.
وشدد مميش على أهمية الاستفادة من عالمية حدث افتتاح قناة السويس الجديدة المقرر له السادس من أغسطس المقبل من خلال توجيه رسالة الى العالم أن المصرى قادر على الإنجاز والإعجاز وخدمة العالم من خلال مساعدته فى الحصول على غذائه ودوائه ووقوده بصورة اسرع بعد حفر قناة السويس الجديدة .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط