طالبت الحكومة الليبية الشرعية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والسياسية حيال التطورات الأمنية المتلاحقة في البلاد، إلا إن الدول الغربية، تنظر يعين الريبة لهذه المطالب، وتدعو بالمقابل إلى استكمال الحوار الوطني وتشكيل حكومة وطنية لحل الأزمة الليبية.
ورغم “استجداء” الحكومة الليبية “رفع حظر التسلح المفروض على جيشها الوطني، إلا إن دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وقطر، سرعان ما تحفظت على الأمر.
وثمة خلط يبدو متعمداً وصعباً على الفهم في تعامل المجتمع الدولي مع ليبيا، فبينما تحشد الجهود والموارد للتصدي لتنظيم داعش في العراق وسوريا، “يتغافل” المجتمع الدولي أو “يتجاهل” خطر التنظيم في ليبيا.
وعللت الدول التي أبدت تحفظها على تسليح الجيش الليبي ذلك بضرورة استكمال الحوار الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية.
غير أن الحجة الأبرز التي تذرع بها الغرب في عدم تسليح الجيش الليبي، هي أن تقديم السلاح يقوي طرفاً على حساب آخر في ليبيا، وهي حجة لا سند لها من الحقيقة، باعتبار أن ليبيا دولة لها جيش وبرلمان وحكومة منتخبة، تخوض صراعاً ضد مليشيات وجماعات متطرفة لبسط سلطتها وممارسة سيادتها، والسماح بتسليح الجيش الليبي يعني تمكينه من أداء مهمته في مكافحة الإرهاب، وليس زيادة حدة الصراع.
كما أن دعم وتعزيز الجيش، لا يتعارض مع الحوار السياسي، الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، ذلك أن الأصل في الحوار، أنه بين خصوم سياسيين، وليس جماعات مسلحة.
ولا شك أن تجاهل الدول الغربية للأزمة الليبية، ساعد في تنامي وجود الجماعات الإرهابية، وبروز داعش في ليبيا مؤخراً، بعد أن أعلنت تنظيمات مسلحة متشددة بيعتها لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وفي مدينة القبة، شرقي ليبيا، سقط عشرات القتلى إثر تفجيرات بسيارات مفخخة، الجمعة، وذلك بعد ساعات قليلة على التحفظات الغربية أمام مجلس الأمن على تسليح الجيش الليبي.
ويرى مراقبون أن تلك التفجيرات، نتيجة متوقعة لإصرار قوى غربية، على تقنين وضع الجماعات الإرهابية، والتعامل معها كبديل للحكومة الشرعية المنتخبة.
ويشكل هذا المنطق للدول الغربية امتداداً لما حدث قبل 4 سنوات، عندما تدخل الناتو لإزاحة نظام معمر القذافي، وأزاح معه مؤسسات الدولة الليبية، وكانت النتيجة الطبيعية هي ظهور تلك الجماعات.
السيناريو الليبي، يتشابه كثيراً مع سيناريو العراق ما بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، فالغرب أسقط ديكتاتوراً في بغداد، وآخر في طرابلس، وفي الطريق أسقط دولتين.
لكنه، في الوقت الحالي كما يتضح، ينظر بعين إلى العراق.. ويغمض عيناً عن ليبيا.
المصدر: وكالات