للتوصل الى اتفاق بين ايران واللجنة السداسية المكونة من امريكا، روسيا، المانيا، فرنسا، انجلترا، والصين حول البرنامج النووي الايراني اصداء كبيرة عللى مستوى العالم.
وقد توصلت الدول الست الكبرى وإيران إلى اتفاق في جنيف -السبت 23-11-2013- بشأن برنامج طهران النووي وأكد وزيرالخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التوصل للاتفاق لكنه اعتبره خطوة أولى وأوضح مسئول أمريكي رفيع المستوى أن الاتفاق لايعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم وإنما يعترف ببرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، وأن الاتفاق يوقف التطوير في برنامج ايران النووي بما في ذلك مفاعل آراك.
اتفاق تاريخي
وبعد اربعة ايام من المفاوضات الصعبة توصلت القوى الكبرى وطهران الى اول اتفاق تاريخي لاحتواء البرنامج النووي الايراني – ليل السبت الاحد – في جنيف يحمل املا بالخروج من ازمة مستمرة منذ اكثر من عشر سنوات.
كما برزت على الفور خلافات بين طهران والولايات المتحدة حول مسالة تخصيب اليورانيوم، حيث اكدت واشنطن ان الاتفاق لايتضمن اشارة الى حق ايران في تخصيب اليورانيوم فيما تؤكد طهران العكس.
وبعد عدة ساعات من تعرقل المفاوضات بسبب “حق” ايران في تخصيب اليورانيوم، تم اخيرا الاعلان عن اتفاق.
وتلت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون محاطة بجميع الوزراء الذين شاركوا في المفاوضات بشأن البرنامج النووي الايراني، في مقر الامم المتحدة في جنيف بيانا مشتركا يعلن التوصل الى “اتفاق حول خطة عمل”.
وقالت اشتون “توصلنا الى اتفاق على خطة عمل” والى جانبها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف. وبعدها تصافح وزراء خارجية دول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا والمانيا) مع ظريف للتهنئة بالاتفاق.
وفي اشارة الى مضمون الاتفاق الذي لم تشأ الخوض في تفاصيله، اعتبرت اشتون “انه من السؤ دوما اخذ مسألة ومحاولة تحديد موقع لها بطريقة ما”. وقالت “سعينا الى الرد على مخاوف المجتمع الدولي والتحرك بشكل يحترم الحكومة والشعب الايرانيين”. واعلن وزير الخارجية الايراني على تويتر ايضا ” لقد توصلنا الى اتفاق “.
وكانت دول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين الى جانب المانيا) تتفاوض منذ الاربعاء مع ايران من اجل التوصل الى اتفاق تمهيدي لمدة ستة اشهر يقدم ضمانات حول الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني مقابل تخفيف “محدود” للعقوبات المفروضة على الاقتصاد الايراني.
وانضم وزراء خارجية دول مجموعة الست الى المفاوضات وكانت المحادثات تعرقلت في اخر ساعات حول مسالة “حق” ايران في تخصيب اليورانيوم.
وكانت ايران تريد اشارة واضحة الى حقها في تخصيب اليورانيوم في الاتفاق مع القوى الكبرى كما اعلن ليلا كبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي.
وحق تخصيب اليورانيوم ليس مذكورا في معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية الموقعة من قبل ايران. وهذه المسالة كانت في صلب قلق الدول الغربية واسرائيل التي تخشى ان يستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 20% للحصول على يورانيوم مخصب بنسبة 90% للاستخدام العسكري رغم نفي ايران المتكرر لذلك.
فقال مسؤول امريكي كبير بعد توقيع اتفاق مرحلي مع طهران بشأن برنامجها النووي في جنيف الاحد ان محادثات ثنائية جرت منذ الصيف بين الولايات المتحدة وايران لكنها بقيت سرية حتى الان واوضح هذا المسؤول طالبا عدم كشف هويته ” اجرينا عددا ضئيلا من المحادثات الثنائية مع الايرانيين بعد انتخاب الرئيس (حسن) روحاني في يونيو ويؤكد بذلك معلومات كشفها مساء السبت الموقع الالكتروني المتخصص بشؤون الشرق الاوسط ” ال- مونيتور”.
وأكد هذا المسؤول ان هذه اللقاءات التي تضاف الى اتصالات عبر الهاتف والرسائل بين روحاني ونظيره الامريكي باراك اوباما وكذلك المحادثات المباشرة بين وزيري خارجية البلدين محمد جواد ظريف وجون كيري منذ سبتمبر لم يكن الهدف منها اختصار الطريق امام مجموعة 5+1 التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا والصين) اضافة الى المانيا.
وقال “ان الولايات قالت بوضوح على الدوام ان مجموعة 5+1 هي القناة الملائمة للمفاوضات مع ايران بغية التوصل الى اتفاق بشأن الملف النووي” واصفا المحادثات مع طهران بـ ” المحدودة “.
واضاف “ان اي محادثات ثنائية اجريناها مع الايرانيين كان الهدف منها تعزيز المفاوضات ضمن مجموعة 5+1” وذكر موقع ال-مونيتور نقلا عن مسؤولين امريكيين اخرين طلبوا عدم كشف هوياتهم ان الاتصالات تعود الى يونيو وقد جرت تحت مسؤولية المسؤول الثاني في وزارة الخارجية وليام بيرنز كبير المفاوضين الاميركيين سابقا في الملف النووي الايراني يشار الى ان العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وايران قطعت في العام 1979 في خضم الثورة الاسلامية.
اسرائيل تندد
ومن جهتها نددت اسرائيل الاحد بابرام ” اتفاق سيء” بشأن الملف النووي الايراني في جنيف معتبرة ان طهران حصلت على ” ما كانت تريده ” واكدت مجددا حقها في الدفاع عن النفس وجاء في بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بعد ساعات من ابرام اتفاق تاريخي بين القوى العظمى وايران في جنيف ” انه اتفاق سيء يقدم لايران ما كانت تريده: رفع جزء من العقوبات والابقاء على جزء اساسي من برنامجها النووي”.
وعبر مكتب رئيس الوزراء عن اسفه لان ” الاتفاق يسمح لايران بمواصلة تخصيب اليورانيوم ويسمح ببقاء اجهزة الطرد المركزي كما يسمح لها بانتاج مواد انشطارية ل(صنع) سلاح نووي”.
وتابع البيان ” ان الاتفاق لم يؤد ايضا الى تفكيك محطة اراك”، المفاعل الذي يعمل بالمياه الثقيلة والواقع في شمال ايران مضيفا ” ان الضغط الاقتصادي المفروض على ايران كان يمكن ان يفضي الى اتفاق افضل من شأنه ان يؤدي الى تفكيك القدرات النووية الايرانية “.
واكد وزير الاقتصاد نفتالي بينيت من جهته ان اسرائيل غير ملزمة باتفاق جنيف ومن حقها الدفاع عن نفسها. وقال بينيت زعيم حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف القريب من لوبي المستوطنين ” ان اسرائيل غير ملزمة باتفاق جنيف. ان ايران تهدد اسرائيل ومن حق اسرائيل الدفاع عن نفسها”.
واضاف الوزير لاذاعة الجيش ” ان الاتفاق يترك الالة النووية الايرانية كاملة ومن شأنه ان يسمح لايران بانتاج قنبلة في فترة ستة الى سبعة اسابيع. ان اسرائيل جاهزة لاي احتمال”. وتابع ” لم نكسب هذه المعركة لكن ما زال هناك مسار طويل امامنا للدفاع عن امن دولة اسرائيل”.
وبالرغم من ان القادة الاسرائيليين كانوا يتوقعون التوصل الى اتفاق ما في جنيف لخص وزير الخارجية افيجدور ليبرمان شعور الهزيمة في اسرائيل بقوله ان اتفاق جنيف يشكل “اكبر انتصار دبلوماسي لايران”.
وقال للاذاعة العامة ” ان هذا الاتفاق يشكل اكبر انتصار دبلوماسي لايران التي حصلت على اعتراف بحقها المشروع المزعوم في تخصيب اليورانيوم “.
وفي معرض رده على سؤال حول احتمال توجيه ضربة اسرائيلية الى ايران، اكتفى ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا القومي المتطرف بالتأكيد مجددا “ان كل الخيارات مطروحة”.
واضاف ” ان مسؤولية امن الشعب اليهودي والشعب الاسرائيلي هي من مسؤولية الحكومة الاسرائيلية وحدها واي قرار في هذا الخصوص سيتخذ بشكل مستقل ومسؤول”.
وقد قام نتانياهو في السنوات الاخيرة بحملة مكثفة على الساحة الدولية خصوصا في الولايات المتحدة لمنع حصول اتفاق مع ايران لا ينص على وقف انشطتها لتخصيب اليورانيوم.
ولوح رئيس الوزراء الاسرائيلي مرات عدة بالتهديد بشن هجوم عسكري اسرائيلي على المنشآت النووية الايرانية.
وسعى وزير الخارجية الامريكي من جهته الى طمأنة اسرائيل، وصرح في جنيف “ان هذا الاتفاق سيجعل العالم اكثر امنا (…) واسرائيل اكثر امنا، وشركاءنا في المنطقة اكثر امنا”.
خطوة أولى
واعتبر وزير الخارجية الايراني ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه في جنيف “نتيجة مهمة لكنه ليس الا خطوة اولى”، وقال ظريف في مؤتمر صحافي ” لقد انشأنا لجنة مشتركة لمراقبة تطبيق اتفاقنا. آمل في ان يتمكن الطرفان من التقدم بطريقة تسمح باعادة الثقة “.
واضاف ظريف امام الصحافيين ان الاتفاق يتضمن ” اشارة واضحة مفادها ان التخصيب سيستمر” في ايران، وهي مسألة لطالما اعتبرت حجر العثرة الرئيسي في المفاوضات.
وقال الوزير الايراني الذي استقبل لدى دخوله الى قاعة الصحافة بالتصفيق من قبل العديد من الصحافيين الايرانيين الذين جاؤوا الى جنيف لتغطية هذه المفاوضات، “نعتبر ان ذلك من حقنا “.
من جهته اشاد الرئيس الايراني حسن روحاني بالاتفاق مؤكدا ان من شأن ذلك ان ” يفتح آفاقا جديدة ” وكتب روحاني في رسالة عبر موقع تويتر “تصويت الشعب لصالح الاعتدال والالتزام البناء والجهود الحثيثة لفرق المفاوضين ستفتح افاقا جديدة”.
وفي ردود الفعل اعتبرالرئيس الامريكي باراك اوباما السبت ان الاتفاق يمثل ” خطوة اولى مهمة ” مشيرا في الوقت عينه الى استمرار وجود “صعوبات هائلة” في هذا الملف.
وقال اوباما في كلمة القاها في البيت الابيض ان هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في جنيف “يقفل الطريق الاوضح” امام طهران لتصنيع قنبلة نووية، مجددا الدعوة الى الكونغرس بعدم التصويت على عقوبات جديدة على ايران.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الاتفاق “سيجعل العالم اكثر امنا، واسرائيل وشركاءنا في المنطقة اكثر امنا”. وقال كيري ان الاتفاق الذي وقع مع ايران في جنيف يشكل “خطوة اولى”. وشدد على ان النص “لا يقول ان لايران الحق في تخصيب (اليورانيوم) مهما جاء في بعض التعليقات”.
هام ومشجع
وقد أشاد وزير الخارجية البريطاني وليام هيج بالاتفاق الذي توصلت إليه السداسية الدولية (روسيا وأمريكا وبريطانيا والصين وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا) مع إيران حول برنامجها النووي في وقت سابق اليوم الأحد واصفا الاتفاق ب “الهام” و”والمشجع”.
وأوضح هيج في تدوينة على حسابه الخاص على موقع التدوينات المصغرة تويتر أن المفاوضات كانت مضنية من أجل الوصول إلى ذلك الاتفاق, مشيرا إلى أن الاتفاق يظهر أنه بالإمكان العمل مع إيران وتحديد المشاكل المستعصية على حد وصفه من خلال الدبلوماسية لإيجاد حلول لها وتوصلت القوى الكبرى وإيران في وقت مبكر اليوم الأحد إلى اتفاق في العاصمة السويسرية جنيف بشأن البرنامج النووي الإيراني وفق ما أكده وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الفرنسي لوران فابيوس.
فى حين قالت كاثرين آشتون كاثرين آشتون الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسات الأمنية، إن الاتفاق المؤقت بشأن برنامج ايران سيوفر الوقت والمجال لمحاولة التوصل الى حل شامل لهذه الأزمة المستمرة منذ عقد من الزمن.
سعادة الايرانيون
وذكرت شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأمريكية – الأحد – إن حالة من السعادة تنتاب الإيرانيين بعد التوصل إلى اتفاق حول برنامج بلادهم النووي مع القوى العالمية بعد ماراثون طويل من المفاوضات, حيث يعتبرون ذلك الاتفاق بداية وفرصة ذهبية لتحسين علاقاتهم مع الغرب.
وأوضحت الشبكة في سياق تعليق بثته على قناتها التليفزيونية أن سعادة الإيرانيين ليست نابعة من الوصول إلى اتفاق فحسب بل لأنهم يعتبرونه فرصة ثمينة لتحسين الأوضاع الاقتصادية داخل البلاد فالكثير عانوا طيلة السنوات الماضية جراء فرض العقوبات الاقتصادية ” الخانقة ” ووصول بلادهم إلى حالة من “العزلة الاقتصادية والسياسية” غير أن ذلك الاتفاق سيمنحهم ممرا للخروج من تلك الأزمات المتراكمة وتحسين سبل العيش داخل بلادهم.
وتابعت تقول ” يرى الإيرانيون الاتفاق أنه السبيل الأمثل لتحسين أوضاعهم المعيشية التي تردت في الفترات الماضية فضلا عن تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهم مع التشديد على أنه يمكن بذل المزيد من الجهود للتوصل إلى اتفاقات أخرى تخدم مصالحهم بشكل أكبر”.
ورأت الشبكة أنه على الرغم من التفاصيل المعقدة للاتفاق والشد والجذب الذين شهدتهما المراحل المختلفة من المفاوضات بين إيران والسداسية الدولية (روسيا والصين وأمريكا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا), فإن الوصول إلى الاتفاق يعد ” لحظة تاريخية ” تفتح الباب أمام إمكانية تحسين العلاقات مع واشنطن وحل الأزمة النووية الإيرانية التي عقدت العلاقات بين البلدين في الفترات الماضية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )